للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الحديثِ من الفِقهِ: الأمرُ بغُسلِ الجُمعةِ. وقد مَضَى القولُ فيهِ، في بابِ ابن شِهاب، عن سالم (١) فأغْنَى عن إعادتِهِ هاهُنا.

وفيه الغُسلُ للعيدينِ، لقولِهِ: "إنَّ هذا يومٌ جَعلَهُ الله عيدًا فاغتسِلُوا".

وفيه أخذُ الطِّيبِ في يوم الجُمعةِ. وأخذُهُ مندُوبٌ إليه حسنٌ، مرغُوبٌ فيهِ، كان رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُعرَفُ برائحةِ الطِّيبِ إذا مَشَى. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا ترُدُّوا الطِّيبَ، فإنَّهُ طيِّبُ الرِّيح، خَفِيفُ المَحْمَلِ" (٢).

وفيه الحثُّ على السِّواكِ. والآثارُ في السِّواكِ كثيرةٌ، وقد مَضَى القولُ في سِواكِ القَوْم فيما مَضَى من كتابنا، أنَّهُ كانَ الأراكِ والبَشامِ (٣).

قال أبو عُمر: وكلُّ ما جَلا الأسْنانَ، ولم يُؤذِها، ولا كانَ من زينةِ النِّساءِ، فجائزٌ الاستِنانُ به.

وهذا القولُ يَحْمِلُهُ أهلُ العِلم، أنَّهُ كان من رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهُو يخطُبُ في الجُمُعةِ، وإذا كان كذلكَ، كان فيه دليلٌ على أنَّ للخَطِيبِ أن يأتي في خُطْبتِهِ بكلِّ ما يَحْتاجُ إليه النّاسُ، من فُصولِ الأعيادِ وغيرِها، تعليمًا لهُم، وتَنْبيهًا على ما يُصلِحُهُم في دينِهِم.

وفيه دليلٌ على أنَّ من حلَفَ أنَّ يومَ الجُمعةِ يومُ عيدٍ، لم يَحْنثْ، وكذلكَ إن قال: والله لأُعطينَّكَ كذا، ولأفعلَنَّ كذا يوم عيدٍ، ولم يَنْوِ يوم الفِطْرِ، ولا الأضْحَى، وأيام التَّشريقِ، ولا نَوَى شيئًا، أنَّهُ يَبَرُّ بأن يفعلَ ذلكَ يوم جُمُعةٍ، والله أعلمُ.


(١) هو في الموطأ ١/ ١٥٧ (٢٦٨).
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ١٤/ ١٥ (٨٢٦٤)، ومسلم (٢٢٥٣) (٢٠)، وأبو داود (٤١٧٢)، والنسائي في المجتبى ٨/ ١٨٩، وفي الكبرى ٨/ ٣٤٥ (٩٣٥١)، وأبو يعلى (٦٢٥٣)، وابن حبان (٥١٠٩) من حديث أبي هريرة. وانظر: المسند الجامع ١٧/ ٤٤٠ - ٤٤١ (١٣٩١١).
(٣) البَشام: شجر طيب الريح والطعم، يستاك به. انظر: لسان العرب ١٢/ ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>