للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أسلَمَ في عِدَّتِها، فهُو أحقُّ بها عندَ مالكٍ، والشّافِعيِّ، واللَّيثِ، والأوزاعِيِّ، والحسنِ بن حيٍّ.

وسواءٌ كانتِ المرأةُ قبلَ أن تُسلِمَ (١) كِتابِيَّةً أو مجُوسِيّةً، زوجُها أحقُّ بها أبدًا، إن أسلَمَ في عِدَّتِها.

فإن كانا مجُوسِيَّينِ، وأسلَمَ الرَّجُلُ قبلُ، فإنَّ مالكًا قال (٢): يُعرَضُ عليها الإسلامُ في الوقتِ، فإن أسْلَمت، وإلّا وَقَعتِ الفُرقةُ بينهُما.

قال إسماعيلُ بن إسحاق: إذا أسلَمَ الرَّجُلُ وزوجتُهُ مجُوسِيَّةٌ غائبةٌ، فإنَّ الفُرقةَ تَقعُ بينهُما حِينَ يُسلِمُ ولا يَنْتظِرُ بها؛ لأنَّهُ لوِ انْتَظرَ بها كان مُتَمسِّكًا بعِصمَتِها، وقد قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠].

قال: والحاضِرةُ إذا عُرِضَ عليها الإسلامُ، فليسَ الرَّجُلُ مُمسِكًا بعِصْمتِها؛ لأنَّهُ لا ينتظِرُ بها شيئًا غير حاضِرٍ، إنَّما هُو كَلامٌ وجوابٌ، فكأنَّها إذا أسْلَمت في هذه الحالِ، قد أسْلَمت معَ إسلامِهِ، إذ كان إنَّما ينتظِرُ جوابَها. ألا ترى الآيةَ لمّا نَزَلت، وَقَعتِ الفُرقةُ بين المُسلمِينَ الذين كانُوا بالمدِينةِ وبين أزواجِهِمُ اللّاتي كُنَّ بمكَّةَ، ولم يُنْتَظر أن يُعرَضَ عليهِنَّ الإسلامُ، وقد كانَ ذلك مُمكِنًا في ذلك الوقتِ، للهُدنةِ التي كانت بينهُم، إلى أن نَقَضُوا العهدَ بعد سِنِينَ من الصُّلح؟

قال: والكَوافِرُ التي أنزلَ اللهُ عزَّ وجلَّ فيهِنَّ هذا، هُنَّ: المُشرِكاتُ من العَرَبِ، فكان سبِيلُ المجُوسِيّاتِ سَبِيلَهُنَّ، فليسَ يجُوزُ للمُسلم أن يُمسِكَ بعِصمةِ كافِرةٍ من غيرِ أهلِ الكِتابِ، كانت مَعهُ في دارِ الإسلام، أو في غيرِ دارِ الإسلام.


(١) في م: "يسلم".
(٢) انظر: الموطأ ٢/ ٥٣ (١٥٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>