للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن يحيى بن سعِيدٍ، عن عَمْرةَ، عن عائشةَ، قالت: أصْبَحتُ صائمَةً أنا وحفصةُ، وأُهدِي لنا طعامٌ، فأعْجَبنا فأفْطَرنا، فدخَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فبادَرَتني حَفْصةُ فسألتهُ، فقال: "صُوما يومًا مكانهُ".

قال أبو عُمر: اختَلفَ الفُقهاءُ في هذا البابِ، فقال مالكٌ وأصحابُهُ: من أصبَحَ صائمًا مُتطوِّعًا، فأفطَرَ مُتعمِّدًا، فعليه القَضاءُ. وكذلك قال أبو حَنِيفةَ وأبو ثَوْر (١)، وحُجَّتُهُم ما قد ذكَرْنا في هذا البابِ من الآثارِ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

وقال الشّافِعيُّ (٢) وأصحابُهُ، وأحمدُ، وإسحاقُ: أستحِبُّ لهُ أن لا يُفطِر، فإن أفطَرَ فلا قضاءَ عليه.

وقال الثَّورِيُّ: أحَبُّ إليَّ أن يَقْضِي.

واختلفَ أصحابُ أبي حثِيفةَ: فمنهُم من قال بقولِ الشّافِعيِّ، ومنهُم من قال بقولِ صاحِبهِم، والفُقهاءُ كلُّهُم من أهلِ الرَّأي والأثرِ يقولون: إنَّ المُتطوِّع إذا أفطَرَ ناسِيًا، أو غَلَبهُ شيءٌ، فلا قَضاءَ عليه.

وقال ابنُ عُليَّةَ: المُتطوِّعُ عليه القَضاءُ إذا أفطَرَ ناسِيًا أو عامِدًا، قِياسًا على الحجَّ.

قال الأثرمُ: سَألتُ أبا عبدِ الله أحمد بن حَنْبل، عن رَجُلٍ أصبَحَ صائمًا مُتطوِّعًا، فبَدا لهُ فأفطر: أيَقْضِيهِ؟ فقال: إن قَضاهُ فحسنٌ، وأرجُو أن لا يجِبَ عليه شيءٌ. قِيل لهُ: فالرَّجُلُ يدخُلُ في الصَّلاةِ مُتطوِّعًا، ألَهُ أن يَقْطعَها؟ فقال: الصَّلاةُ أشَدُّ، فلا يَقْطعْها، قيلَ لهُ: فإن قَطَعها، أيَقْضِيها؟ فقال: إن قَضاها خرجَ من الاختِلافِ.

قال أبو عُمر: من حُجَّةِ من قال: إنَّ المُتطوِّع إذا أفطَرَ لا شيءَ عليه، من قَضاءٍ ولا غيرِهِ: ما حدَّثناهُ عبدُ الله بن محمدِ بن عبدِ المُؤمنِ، قال: حدَّثنا


(١) انظر: الاستذكار ٣/ ٣٥٥. وانظر فيه أيضًا ما بعده إلى قول الأثرم.
(٢) انظر: الأم ٢/ ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>