للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزْواجِه. قال يحيى: فذكَرتُ ذلك للقاسم بن محمدٍ، فقال: أتتكَ والله بالحديثِ على وَجْهِهِ.

وقد ذكر عبدُ الرَّزّاقِ، عن معمرٍ، عن أيوبَ، عن نافِع، عن ابن عُمرَ، قال: ذبَحَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائهِ البَقَر يومَئذٍ. يعني في حجَّةِ الوَداع.

ففي هذه الأحادِيثِ كلِّها ذُكِرُ البقرُ على لَفْظِ الجمع. وفي حديثِ ابن شهاب: بقرةً واحِدةً عن أزْواجِهِ.

وهُو عِندِي تفسِيرُ حديثِ يحيى بن سعِيدٍ، لأنَّهُ يحتمِلُ أن يكونَ أرادَ بذِكرِ البَقَرِ الجِنسَ، تقولُ: دُخِلَ علينا بلحم بَقَرٍ. أي: لم يكُن لحم إبِلٍ، ولا غَنَم، كما تقولُ: لحمُ بَقَرٍ، تنفِي أن يكون غير بَقَرِيٍّ، وهُو من بَقَرةٍ واحِدةٍ.

وإذا حُمِلَ الخَبَرانِ على هذا، لم يتدافعا، وصحَّ بذلكَ مذهبُ مالكٍ، في إجازَتهِ أن يُضحِّي الرَّجُلُ عنهُ وعن أهلِ بيتِهِ بالبقَرةِ الواحِدةِ، وفي معناها عندَهُ الشّاة الواحِدة.

واختلفَ الفُقهاءُ في الاشتِراكِ في الهديِ والضَّحايا (١).

فقال مالكٌ: يجُوزُ للرَّجُلِ أن يذبحَ الشّاةَ، أو البَقَرةَ، أوِ البَدَنةَ عن نَفسِهِ، وعن أهلِ البَيْتِ، وسواءٌ كانُوا سَبْعةً، أو أكثر من سَبْعةٍ، يُشرِكُهُم فيها، ولا يجُوزُ أن يشترُوها بَيْنهُم بالشَّركَةِ فيَذْبحُوها، إنَّما يُجزِئُ إذا تَطَوَّعَ عنهُم، ولا يُجزِئُ عن الأجنبِيِّين (٢). هذا كلّهُ قولُ مالكٍ.

وقال اللَّيثُ بن سعدٍ مِثلهُ في البقرِ.

وأجازَ مالكٌ الاشتِراكَ في الهديِ التَّطوُّع على هذا الوجهِ، ولا يجُوزُ عندَهُ الاشتِراكُ في الهَدْيِ الواجِبِ بحالٍ، لا في بَدَنةٍ، ولا في بَقَرةٍ.


(١) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٨٦ (٥٦٥).
(٢) انظر: الاستذكار ٥/ ٢٣٨. وانظر فيه أيضًا ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>