للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ القاسم: ثُمَّ كرِههُ بعد ذلكَ، وإن كان عليه إزارٌ. قال ابنُ القاسم: وتَرْكُهُ أحبُّ إليَّ، للحديثِ، ولستُ أراهُ ضيِّقًا، إذا كان عليه إزارٌ (١).

قال مالكٌ: والاضْطِباعُ، أن يَرْتديَ الرَّجُلُ، فيُخرِجَ ثَوْبَهُ من تحتِ يدِهِ اليُمنى. قال ابنُ القاسم: وأُراهُ من ناحيةِ الصَّمّاءِ.

وقال أبو عُبيد (٢): قال الأصمعيُّ: اشتِمالُ الصَّمّاءِ عِندَ العربِ: أن يَشْتمِلَ الرَّجُلُ بثوبه، فيُجلِّلَ به جسدَهُ كلَّهُ، ولا يرفعَ منهُ جانِبًا، فيُخرِج منهُ يدهُ، ورُبَّما اضْطَجعَ فيه على تلك الحالِ.

قال أبو عُبيدٍ: كأنَّهُ يَذْهبُ إلى أنَّهُ لا يَدْري لعلَّهُ يُصيبُهُ شيءٌ يُريدُ الاحتِراسَ منهُ، وأن يَقِيَهُ بيدِهِ، فلا يَقْدِرُ على ذلك لإدخالِهِ إيَّاها في ثيابِهِ، فهذا كلامُ العربِ.

قال: وأمّا تفسيرُ الفُقهاءِ، فإنَّهُم يقولونَ: هُو أن يشتمِلَ الرَّجُلُ بثَوْبٍ واحِدٍ ليسَ عليه غيرُهُ، ثُمَّ يرفعَهُ من أحَدِ جانِبيهِ، فيَضَعَهُ على مَنْكِبِهِ، فيبدُوَ منهُ فرجُهُ.

قال أبو عُبيدٍ: والفُقهاءُ أعلمُ بالتَّأويلِ في هذا، وذلكَ أصَحُّ معنًى في الكلام.

وقال الأخْفَشُ: الاشْتِمالُ: أن يلتفَّ الرَّجُلُ برِدائهِ أو بكِسائهِ، من رَأسِهِ إلى قَدَميهِ، يرُدُّ طرفَ الثَّوبِ الأيمنِ على مَنكِبِهِ الأيسرِ، هذا هُو الاشتِمالُ، فإنْ لم يرُدَّ طَرْفَهُ الأيمنَ على مَنكبِهِ الأيسرِ، وترَكهُ مُرسلًا إلى الأرضِ، فذلك: السَّدلُ الذي نُهي عنهُ.

قال: وقد رُويَ في هذا الحديثِ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ برجُلٍ وقد سدَلَ ثَوْبَهُ، فعَطَفَهُ عليه، حتّى صارَ مُشْتمِلًا (٣).


(١) ينظر: البيان والتحصيل لابن رشد ١/ ٢٢٧، والمقدمات الممهدات ٣/ ٤٣٤.
(٢) انظر: غريب الحديث له ٢/ ١١٧ - ١١٨.
(٣) أخرجه ابن عدي في الكامل ٢/ ٣٨١، ضمن ترجمة حفص بن سليمان المقرئ، من منكراته، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٢٤٣ من حديث أبي جحيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>