للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمرَ: في معنى قولِهِ هذا: "وخَطْفَةَ" ما قد ذكرهُ ابنُ أبي الدُّنيا (١)، قال: حدَّثنا إسحاقُ بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا خالدُ بن الحارِثِ الهُجيميُّ، قال: حدَّثنا سعيدُ بن أبي عَرُوبةَ، عن قَتادةَ، عن أبي نَضْرةَ، عن عبدِ الرَّحمنِ بن أبى لَيْلَى، أنَّ رَجُلًا من قَومِهِ خرجَ ليُصلِّيَ مع قَومِهِ صلاةَ العِشاءِ ففُقِدَ، فانْطَلقتِ امْرأَتُهُ إلى عُمرَ بن الخطّابِ، فحدَّثتهُ بذلكَ، فسألَ عن ذلك قَوْمَها فصدَّقوها، فأمَرَها أن تَتربَّصَ أربعَ سِنينَ، فتربَّصَتْ، ثُمَّ أَتَتْ عُمرَ فأخْبَرتهُ بذلكَ، فسألَ عن ذلكَ قَوْمَها فصدَّقوها، فأمَرَها أن تَتزوَّج، ثُمَّ إنَّ زَوْجَها الأوَّلَ قَدِمَ فارْتَفعُوا إلى عُمرَ بن الخطّابِ، فقال عُمرُ: يَغِيبُ أحدُكُمُ الزَّمانَ الطَّويلَ، لا يعلَمُ أهلُهُ حَياتهُ؟ قال: إنَّ لي عُذرًا. قال: فما عُذرُكَ؟ قال: خَرَجتُ أُصلِّي معَ قَوْمي صلاةَ العِشاءِ، فسَبَتني الجِنُّ. أو قال: أصابَتْني الجِنُّ، فكُنتُ فيهم زَمانًا، فغَزاهُم جِنٌّ مُؤمنُونَ، فقاتَلُوهُم، فظَهرُوا عليهم وأصابُوا لهُم سَبايا، فكُنتُ فيمَنْ أصابُوا، فقالوا: ما دينُكَ؟ قلتُ: مُسلمٌ، قالوا: أنتَ على دينِنا، لا يحِلُّ لنا سَبْيُكَ، فخيَّرُوني بينَ المُقام وبين القُفُولِ، فاخترتُ القُفُولَ، فأقبلُوا معي، باللَّيلِ بَشَرٌ يُحدِّثونني (٢) وبالنَّهارِ إعصارُ ريح أتْبَعُها. قال: فما كان طعامُكَ؟ قال: الفُولُ، وما لم يُذكَرِ اسمُ الله عليه. قال: فما كان شرابُكَ؟ قال: الجَدَفُ. قال قتادةُ: الجَدَفُ: ما لم يُخمَّر من الشَّرابِ. قال: فخيَّرهُ عُمرُ بين المرأةِ والصَّداقِ.

قال أبو عُمر: هذا خبرٌ صحيحٌ من رِوايةِ العِراقيِّينَ والمكِّيِّينَ مشهُورٌ.

وقد روى مَعناهُ المدنيُّون في المفقودِ، إلّا أنَّهُم لم يذكُرُوا معنى اختِطافِ الجِنِّ للرَّجُل، ولا ذَكرُوا تخييرَ المفقودِ بينَ المرأةِ والصَّداقِ، وإنَّما ذَكْرناهُ هاهُنا،


(١) أخرجه في الهواتف (١١٣). وأخرجه البيهقي في الكبرى ٧/ ٤٤٥، من طريق سعيد بن أبي عروبة، به.
(٢) في ض، م: "يسير يحدوا بي". بدل: "بشرٌ يحدِّثونني"، والمثبت من ظا.

<<  <  ج: ص:  >  >>