للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال جريرٌ، عن الأعْمَش، عن سالم بنِ أبي الجَعْد، عن جابر، قال: قلتُ: كم كنتم يومئذ؟ قال: ألفٌ وأربعُ مئة (١).

قال أبو عُمر: الذي أُوتِيَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من هذه الآيةِ المُعجزةِ أوضَحُ في آياتِ الأنبياءِ وأعلامِهم ممّا أُعطيَ موسى عليه السلام إذْ ضرَب بعَصاه الحَجَرَ فانفجَرتْ منه اثنتا عشْرةَ عينًا؛ وذلك أنَّ من الحجارةِ ما يُشاهَدُ انفجارُ الماءِ منها، ولم يُشاهَدْ قطُّ أحدٌ من الآدَميِّينَ يَخرُجُ من بينِ أصابعِه الماءُ غيرَ نبيِّنا -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقد نزَع بنحوِ ما قلتُ المُزَنيُّ وغيرُه، ومن ذلك حديثُ أنسٍ وغيرِه في الطَّعام الذي أكَل من القَصْعَةِ الواحدةِ ثمانون رجلًا وبَقِيَتْ بهيئاتِها (٢). وحديثُ النُّعمانِ بنِ مُقَرِّن إذْ زُوِّدُوا من التَّمرِ وهم أربعُ مئةِ راكب، قال: ثم نظَرتُ فإذا به كأنّه لم يُفقَدْ منه شيءٌ (٣). والأحاديثُ في أعْلام نبوَّتِه أكثرُ من أن تُحصَى، وقد جمع قومٌ كثيرٌ كثيرًا منها، والحمدُ للَّه.

ومن أحسنِها -وكلُّها حسنٌ- ما حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سفيان، قال:


(١) أخرجه البخاري (٥٦٣٩)، ومسلم (١٨٥٦) (٧٤).
(٢) أخرجه مالكٌ في الموطأ ٢/ ٥١٥ - ٥١٦ (٢٦٨٤) عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه، وهو الحديث التاسع لإسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، وسيأتي مع تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده ٢/ ٣٣٧ (٨٣٦)، وأحمد في المسند ٣٩/ ١٥٥ (٢٣٧٤٦)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٢/ ٣١٤ (١٠٧٦)، والبيهقي في دلائل النبوَّة ٥/ ٣٦٦ من طرق عن حصين بن عبد الرحمن السُّلمي، عن سالم بن أبي الجعد، عن النعمان بن مقرِّن المُزنيّ رضي اللَّه عنه. ورجال إسناده ثقات، ولكنه منقطع، فإن سالم بن أبي الجعد لم يدرك النعمان بن مقرِّن فيما ذكر الحافظ ابن حجر في الإصابة ٦/ ٤٥٣ (٨٧٦٥). وقد ساق له هذا الحديث، ثم قال: "ورجاله ثقات، لكنه منقطع، فإن النعمان استُشهد في خلافة عمر، فلم يدركه سالمٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>