للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا رواهُ الثَّوريُّ، عن محمدِ بن المُنكدِرِ، سمِعَ أُمَيْمةَ بنت رُقَيقةَ، مِثلَ حديثِ مالكٍ هذا، سَواءٌ إلى آخِرِهِ، إلّا أنَّهُ قال بعدَ قولِهِ: "الله أرْحَمُ بنا من أنفُسِنا": قالت: فقُلنا: يا رسُولَ الله، ألا تُصافِحُنا؟ فقال: "إنِّي لا أُصافِحُ النِّساءَ". ثُمَّ ذكرهُ سَواءً (١).

ورواهُ ابنُ عُيَينةَ، عن محمدِ بن المُنكدِرِ، مُختصرًا (٢).

في هذا الحديثِ من الفِقْهِ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُبايعُ النّاسَ على الإسلام، وشُرُوطِهِ، وشَرائعِهِ، ومَعالِمِهِ، على حَسَبِ ما ذكَرْنا في البابِ قبلَ هذا، وهذه البَيْعةُ على حَسَبِ ما نصَّ الله في كِتابِهِ، وأنَّهُ لا يُكلِّفُ نفسًا إلّا وُسْعَها، وكلُّ ما كلَّفهُم وافتَرضَ عليهم، ففي وُسْعِهِم وطاقتِهِم ذلك كلُّهُ وأكثرُ منهُ.

وأمّا قولُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديثِ: "فيما اسْتَطعتُنَّ وأطَقْتُنَّ" فإنَّما ذلك مردُودٌ إلى قولِها: "ولا نَعْصيَكَ في معرُوفٍ". فكلُّ معرُوفٍ يأمُرُ به، يَلزَمُهُنَّ إذا أطَقْنَ القيامَ به، وقد ثَبتَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ قال: "إذا أمَرْتُكُم بشيءٍ، فخُذُوا منهُ ما اسْتَطعتُم" (٣)، وهذا كلُّهُ داخِل تحتَ قولِهِ عزَّ وجلَّ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٨٩٢٦)،، وإسحاق بن راهوية في مسنده (٢١٩٥)، وأحمد في مسنده ٤٤/ ٥٥٩ - ٥٦٠ (٢٧٠٠٩، ٢٧٠١٠)، والنسائي في المجتبى ٧/ ١٤٩، وفي الكبرى (٧٧٥٦)، والدارقطني في سننه ٥/ ٢٥٨ (٤٢٨٣)، والطبراني في الكبير ٢٤/ ٤٧٠ (١٨٦) من طريق سفيان الثوري، به. وانظر: المسند الجامع ١٩/ ٩٠ (١٥٨٣٦).
(٢) أخرجه الحميدي (٣٤١)، وأحمد في مسنده ٤٤/ ٥٥٦ (٢٧٠٠٦)، وابن ماجة (٢٨٧٤)، والترمذي (١٥٩٧)، والنسائي في المجتبى ٧/ ١٥٢، وفي الكبرى ٧/ ١٨٥ (٧٧٦٥)، والطبراني في الكبير ٢٤/ ١٨٧ (٤٧٢) من طريق ابن عيينة، به ..
(٣) سلف تخريجه في الحديث الأول لإسماعيل بن حكيم، عن عبيدة بن سفيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>