للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثنا خلفُ بن القاسم، قال: حدَّثنا أبو طالبٍ العبّاسُ بن أحمدَ بن سعيدِ بن مُقاتِلِ بن صالح مولى عبدِ الله بن جعفرٍ، قال: حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ بن موسى بن جعفرِ بن محمدٍ، قال: حدَّثني أبي، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ جعفرِ بن محمدٍ، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ عليِّ بن حُسينٍ، عن أبيهِ، عن عليِّ بن أبي طالب، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "نيَّةُ المُؤمنِ خَيْرٌ من عَملِهِ، ونيَّةُ الفاجِرِ شَرٌّ من عَملِهِ، وكلٌّ يَعْملُ على نيَّتِه".

ومعنى هذا الحديثِ، واللهُ أعلمُ، أنَّ النِّيَّةَ بغَيرِ عَملٍ، خيرٌ من العَمل بلا نيَّةٍ، وتفسيرُ ذلكَ، أنَّ العملَ بلا نيَّةٍ، لا يُرفَعُ ولا يُصعَدُ، فالنِّيَّةُ بغَيرِ عملٍ، خيرٌ من العَملِ بغيرِ نيَّةٍ؛ لأنَّ النِّيَّة تنفعُ بلا عَملٍ، والعملُ بلا نيَّةٍ، لا مَنْفعةَ فيه.

ويحتملُ أن يكونَ المعنى فيه: نيَّةَ المُؤمنِ في الأعمالِ الصالحِةِ، أكثرُ مِمّا يَقْوَى عليه منها، ونيَّةَ الفاجِرِ في الأعمالِ السَّيِّئَةِ، أكثرُ مِمّا يَعْملُهُ منها، ولو أنَّهُ يعملُ ما نَوَى من (١) الشَّرِّ، أهلَكَ الحرثَ، والنَّسلَ، ونحوَ هذا، والله أعلمُ.

ويدُلُّ هذا الحديثُ، على أنَّ المُؤمنَ قد يقعُ منهُ عَملٌ بغيرِ نيَّةٍ، فيكونُ لغوًا، وهُو مع ذلك مُؤمنٌ.

ويدُلُّ أيضًا على أنَّ المُؤمنَ قد يَنْوي من الأعْمالِ ما لا يُعانُ عليه، وأنَّ الفاجِرَ قد يَنْوي من الأعمالِ ما يُعصَمُ عنهُ، ولا يصِلُ إليهِ.

وقد رَوَى أبو هُريرةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ما يُعارِضُ ظاهِرُهُ هذا الحديثَ، وليسَ بمُعارِضٍ لهُ إذا حُمِل على ما وَصَفنا، والله أعلمُ.

حدَّثنا أحمدُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن الفَضْلِ، قال: حدَّثنا محمدُ بن جَريرٍ، قال: حدَّثنا أبو (٢) كُريب، قال: حدَّثنا أبو خالدٍ الأحمرُ، عن هشام بن حسّان،


(١) في م: "في".
(٢) "أبو"سقط من الأصل، م. وهو محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، أبو كريب الكوفي.
انظر: تهذيب الكمال ٢٦/ ٢٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>