للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّوبَ لا ينظُرُ إليه، ولا يُخبَرُ عنهُ، والمُنابَذةُ، أن يطرحَ الرَّجُلُ الثَّوبَ إلى الرَّجُل، قبلَ أن يُقلِّبهُ وينظُرَ إليه.

هكذا جاءَ هذا التَّفسيرُ في درج هذا الحديثِ، وقد فسَّرَ مالكٌ في "المُوطَّأ" بمِثلِ ذلك المعنى.

وذكَرَ الدّارقُطنيُّ هذا الخبرَ عن أبي العبّاسِ أحمد بن الحسنِ الرّازيِّ، بإسناد مِثلَهُ، إلّا أنَّهُ قال في موضِع "وزيادٌ": "وابنُ زيادٍ". وقال: هُو عبدُ الله بن زيادِ بن سِمْعان المدنيُّ (١)، مترُوكُ الحديثِ.

وهذا وهمٌ وغلطٌ وظنٌّ، لا يُغني من الحقِّ شيئًا، وليسَ ذِكرُ ابن زيادٍ في هذا الحديثِ لهُ وجهٌ (٢)، وإنَّما هُو زيادٌ، لا ابنُ زيادٍ، وهُو زيادُ بن سعدٍ الخُراسانيُّ، واللّهُ أعلمُ.

وقال مالكٌ (٣) بأثرِ هذا الحديث: والمُلامَسةُ أن يلمِسَ الرَّجُلُ الثَّوبَ، ولا ينشُرهُ، ولا يتبيَّنَ ما فيه، أو يبتاعهُ ليلًا وهُو لا يعلَمُ ما فيه (٤)، قال: والمُنابذةُ أن ينبِذَ الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ ثوبهُ، وينبِذَ الرَّجُلُ الآخرُ إليه ثوبهُ، على غَيرِ تأمُّلٍ منهُما، ويقولُ كلُّ واحِدٍ منهُما لصاحِبِه: هذا بهذا، فهذا الذي نُهِيَ عنهُ من المُلامَسةِ والمُنابَذةِ.

قال أبو عُمر: في هذا الحديثِ على المعنى الذي فسَّرهُ مالكٌ، دليل على أنَّ بيعَ من باعَ ما لا يقِفُ على عينِهِ، ولا يعرِفُ مَبْلغهُ، من كَيْل، أو وزنٍ، أو ذَرْع (٥)،


(١) في الأصل، م: "المزني". انظر: تهذيب الكمال ١٤/ ٥٢٦.
(٢) في الأصل: "حجة"، والمثبت من بقية النسخ.
(٣) الموطأ ٢/ ١٩٧.
(٤) زاد هنا في الأصل، م: "قال"، والمثبت من بقية النسخ.
(٥) الذرعُ: هو القياس. والذراع هو مقياس معروف، أشهر أنواعه الذراع الهاشمية، وهي ٣٢ إصبعًا، أو ٦٤ سنتميترًا. انظر: المعجم الوسيط، ص ٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>