للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر عبدُ الرَّزّاق (١) عن ابن جُرَيج، قال: أخبرني عامرُ بن مُصعَبٍ، أنَّ طاوُوسًا أخبرَهُ، أنَّهُ سألَ ابن عبّاسٍ عن رَكْعتينِ بعد العَصْرِ، فنَهاهُ عنهُما.

قال: فقلتُ: لا أدَعُهُما، فقال ابنُ عبّاس: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ... } إلى {مُبِينًا} [الأحزاب: ٣٦].

فهذا ابنُ عبّاس، مع سَعَةِ عِلْمِهِ، قد حَمَل (٢) النَّهي الذي رَواهُ في ذلكَ على عُمُومِهِ.

وقال آخرُونَ: لا يُصلَّى بعدَ الصُّبح إلى أن تَطْلُع الشَّمسُ وتَرْتفِعَ، ولا بعدَ العَصْرِ إلى أن تَغيبَ الشَّمسُ، ولا عِندَ اسْتِواءِ الشَّمسِ، صلاةُ فَرِيضةٍ نامَ عنها صاحِبُها، أو نَسِيها، ولا صَلاةُ تطوُّع، ولا صَلاةٌ من الصَّلواتِ على حال، لعُمُوم نَهْي رسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الصَّلاةِ في هذه الأوْقاتِ. وممَّن قال ذلكَ أبو حنيفةَ وأصحابُهُ.

قال أبو عُمر: قد مَضَى القولُ في بابِ زيدِ بن أسلَمَ عمَّن (٣) قال هذا القولَ.

وفي قولهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "من نامَ عن الصَّلاةِ، أو نَسِيها، فليُصلِّها إذا ذَكَرها" (٤). وفي قولهِ عليه السَّلامُ: "من أدرَكَ رَكْعةً من الصُّبح قبلَ أن تطلُع الشَّمسُ، فقد أدْرَكَ الصُّبحَ، ومن أدْرَكَ رَكْعةً من العَصْرِ قبلَ أن تغرُبَ الشَّمسُ، فقد أدركَ العَصْرَ" (٥). دليلٌ على أنَّ نَهْيهُ عن الصَّلاةِ بعد الصُّبح، والعَصِر، ليسَ على الفَرائضِ الفوائتِ (٦)، واللّه أعلمُ.

ومَنْ تدبَّر ما أوْرَدنا في ذلك البابِ، اكتفى، وباللّه التَّوفيقُ والهُدى.

وقال أبو ثَوْر: لا يُصلِّي أحَدٌ تطوُّعًا بعد الفَجْرِ إلى أن تطلُع الشَّمسُ، ولا


(١) في المصنَّف (٣٩٥٧).
(٢) في الأصل: "حَدَّ حَمْل"، والمثبت من ظا، وهو الأولى.
(٣) في الأصل: "على من"، والمثبت من بقية النسخ.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٥ (٢٥).
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٦ (٥).
(٦) في م: "عن الفرائض والفوائت"، والمثبت من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>