للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه قال الشَّافِعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ (١)، وأبو ثَوْرٍ، وداودُ بن عليٍّ.

وقال مالكُ بن أنس: من طافَ بالبيتِ بعد العَصْرِ، أخَّر رَكْعتيِ الطَّوافِ حتَّى تَغرُب الشَّمسُ. وكذلك من طافَ بعد الصُّبح، لَمْ يَرْكعهُما حتَّى تطلُع الشَّمسُ وتَرْتفِع (٢).

وقال أبو حنيفةَ: يَرْكعُهُما، إلّا عِندَ غُرُوبِ الشَّمسِ وطُلُوعِها واسْتِوائها.

وبعضُ أصْحابِ مالكٍ يَرى الرُّكُوع للطَّوافِ بعد الصُّبح، ولا يراهُ بعدَ العصرِ.

وهذا لا وَجْهَ لهُ في النَّظرِ، لأنَّ الفرقَ بين ذلكَ لا دليلَ عليه من خَبَرٍ ثابتٍ، ولا قياسٍ صَحيح، واللّه أعلمُ.

وحُكمُ سُجُودِ التِّلاوةِ بعد الصُّبح، والعَصرِ، كحُكم الصَّلاةِ عِندَ العُلماءِ على أُصُولهِمُ التي ذكَرْنا، وباللّه توفيقُنا.

قال أبو عُمر: روى الوليدُ بن مُسلم (٣) عن مالكٍ، عن محمدِ بن يحيى بن حَبّان، عن عبدِ الرَّحمنِ الأعْرَج، عن أبي هُريرةَ قال: نَهَى رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن لُبْسَتينِ، اشْتِمالِ الصَّمّاء (٤)، والاحْتِباءِ في ثوبٍ واحِدٍ، كاشِفًا عن فَرْجِه (٥). وهذا حديثٌ غريبٌ من حديثِ مالكٍ، لَمْ يَروِهِ عنهُ بهذا الإسْنادِ إلّا الوليدُ بن مُسلم، فيما عَلِمتُ، واللّه أعلمُ.


(١) في الأصل: "وأبو إسحاق" خطأ بيّن، فهو إسحاق بن راهوية.
(٢) انظر: الاستذكار ١/ ١١٥ - ١١٦. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(٣) في الأصل: "بن سليم". وهو الوليد بن مسلم، أبو العباس الدمشقي. انظر: تهذيب الكمال ٣١/ ٨٦.
(٤) اشتمال الصماء: هو أن يشتمل بالثوب، حتى يجلل به جسده، ولا يرفع منه جانبًا تخرج منها يده، وهو التلفع، والشملة الصماء: هي التي ليس تحتها قميص ولا سراويل، وكرهت الصلاة فيها. انظر: لسان العرب ١١/ ٣٦٨.
(٥) أخرجه أحمد في مسنده ١٦/ ٤٩٢ (١٠٨٤٦) من طريق مالك، به أتم من هذا. وفيه النهي عن الصلاة بعد العصر، وبعد الصبح، والنهي عن صيام العيدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>