للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيْحكَ ماذا تقولُ، وماذا تَكلَّمُ، فرُبَّ كلام قد مَنَعني أن أتكَلَّمَ به، ما سَمِعتُ من بِلالِ بن الحارِث (١).

قال أبو عُمر: لا أعلمُ خِلافًا في قولهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذا الحديث: "إنَّ الرَّجُلَ ليتكلَّمُ بالكَلِمةِ". أنَّها الكَلِمةُ عِندَ السُّلطانِ الجائرِ الظّالم ليُرْضيهُ بها، فيما يُسخِطُ الله عَزَّ وجلَّ، ويزيِّنَ لهُ باطِلَا يُريدُهُ، من إراقَةِ دم، أو ظُلم مُسلم، ونحوِ ذلك مِمّا يَنْحطُّ به في حَبْلِ هواهُ، فيَبْعُدُ من الله، ويَنالُ سَخَطهُ، وكذلكَ الكَلِمةُ التي يُرْضِي بها الله عَزَّ وجلَّ عِندَ السُّلطانِ ليَصْرِفهُ عن هَواهُ، ويَكُفَّهُ عن مَعْصيةٍ يُريدُها، يبلُغُ بها أيضًا من الله رِضوانًا لا يحتسبهُ، واللّه أعلمُ.

وهكذا فسَّرهُ ابنُ عُيَينةَ وغيرُهُ، وذلكَ بيِّنٌ في هذه الرِّوايةِ وغيرِها.

وجدتُ في سَماع أبي بخَطِّهِ، أنَّ محمد بن أحمد بن قاسم بن هِلالٍ حدَّثهُم، قال: حَدَّثَنَا سعيدُ بن عُثمانَ، قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بن مَرزُوقٍ، قال: حَدَّثَنَا أسدُ بن موسى، قال: حَدَّثَنَا سُفيانُ بن عُيَينةَ، عن محمدِ بن عَمرِو بن عَلْقمةَ، عن أبيهِ، عن جدِّهِ عن بِلالِ بن الحارِثِ قال: إنَّكُم تدخُلُونَ على هؤُلاءِ الأُمَراءِ، وقد سمِعتُ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: "إنَّ الرَّجُلَ ليتكلَّمُ بالكَلِمةِ من رِضوانِ الله، لا يظُنُّ أن تبلُغَ ما بَلَغتْ، فيكتُبُ الله لهُ بها رِضْوانهُ إلى يوم يَلْقاهُ، وإنَّ الرَّجُلَ ليتكلَّمُ بالكلِمةِ من سَخَطِ الله، ما يظُنُّ أن تبلُغَ ما بَلَغت، فيكتُبُ الله لهُ بها سَخَطهُ إلى يوم يلقاهُ (٢) " (٣).


(١) أخرجه ابن ماجة (٣٩٦٩) عن ابن أبي شيبة، به. وأخرجه البخاري في تاريخه ٢/ ١٠٦ - ١٠٧، والحاكم في المستدرك ١/ ٤٥، من طريق محمد بن بشر، به. وانظر: المسند المصنّف المعلل ٤/ ٣٧٣ (٢١٧٦).
(٢) في مسند الحميدي: "القيامة"، وفي سنن سعيد بن منصور كما هنا، والمعنى واحد.
(٣) أخرجه الحميدي (٩١١)، وسعيد بن منصور في سننه (٧٠٩، تفسير)، والحاكم في المستدرك ١/ ٤٥، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٨/ ٢٩٦ - ٢٩٧، من طريق سفيان، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>