للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالكٌ (١)، عن محمدِ بن أبي أُمامَةَ بن سَهْل بن حُنَيفٍ، أنَّهُ سمِعَ أباهُ يقولُ: اغتسَلَ أبي سَهْلُ بن حُنَيفٍ بالخرّارِ، فنزَعَ جُبَّةً كانت عليه، وعامرُ بن رَبِيعةَ ينظُرُ، قال: وكان سَهْلٌ رَجُلًا أبيضَ حسَنَ الجِلْدِ، قال: فقال لهُ عامرُ بن ربيعةَ: ما رَأيتُ كاليوم، ولا جِلدَ عَذْراءَ. قال: فوُعِكَ سَهْلٌ مكانهُ، واشتَدَّ وَعكُهُ، فأتِيَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فأُخبِرَ أنَّ سهلًا وُعِكَ، وأنَّهُ غيرُ رائح معكَ يا رسُولَ الله، فأتاهُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبَرهُ سهلٌ بالذي كان من شأنِ (٢) عامرٍ، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "علامَ يقتُلُ أحدُكُم أخاهُ؟ ألا برَّكتَ! إنَّ العَيْنَ حقٌّ، توضَّأ لَهُ". فتوضَّأ عامرٌ، فراحَ سهلٌ معَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ليسَ به بأسٌ.

قال أبو عُمرَ: في هذا الحديث أنَّ العينَ حقٌّ.

وفيه: أنَّ العينَ إنَّما تكونُ مع الإعْجابِ، ورُبَّما مع الحَسَدِ.

وفيه: أنَّ الرَّجُلَ الصّالح قد يكونُ عائنًا، وأنَّ هذا ليسَ من بابِ الصَّلاح، ولا من بابِ الفِسْقِ في شيءٍ.

وفيه: أنَّ العائنَ لا يُنْفى، كما زعَمَ بعضُ النّاسِ.

وفيه: أنَّ التَّبريكَ لا تضُرُّ مَعهُ عينُ العائنِ. والتَّبريكُ، قولُ القائل: اللَّهُمَّ بارِك فيه، ونحوُ هذا، وقد قيلَ: إنَّ التَّبريكَ، أن يقولَ: تباركَ الله أحسنُ الخالقينَ، اللَّهُمَّ بارِكْ فيه.

وفيه: جَوازُ الاغتِسالِ بالعَراءِ.

والخرّارُ، مَوْضِعٌ بالمدينةِ، وقيل: وادٍ من أوْدِيتِها.


(١) الموطأ ٢/ ٥٢٦ - ٥٢٧ (٢٧٠٧)، والتعليق عليه.
(٢) في م: "أمر"، والمثبت من الأصل، وهو الموافق لما في الموطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>