للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلكَ فعَلَ، وقال: "خُذُوا عنِّي مَناسِككُم" (١). وهُو المُبيِّنُ عن الله مُرادهُ، وهي زيادةٌ في الرِّوايةِ يجِبُ قبُولهُا.

ومن جِهَةِ النَّظرِ، أنَّ المُحرِمَ لا يحِلُّ من شَيءٍ من إحرامِهِ، ولا يُلْقي عنهُ شيئًا من تَفَثهِ (٢) حتَّى يَرْمي جَمْرةَ العَقَبةِ، فإذا رَماها، فقد حلَّت لهُ أشياءُ كانت مَحْظُورةً عليه، وذلكَ أوَّلُ إحْلالهِ، فيَنْبغي أن تكونَ تَلْبيتُهُ بالحجِّ، على حَسَبِ ما كانت عليه من حينِ أحرمَ، إلى ذلكَ الوقتِ، والله أعلمُ.

ومعنى التَّلبيةِ، إجابةُ إبراهيمَ فيما ذَكرُوا.

قال مُجاهِدٌ وغيرُهُ: لمّا أُمِرَ إبراهيمُ - صلى الله عليه وسلم - أن يُؤَذِّنَ في النّاسِ بالحجِّ، قامَ على المَقام، فقال: يا عِبادَ الله أجيبُوا الله. فقالوا: ربَّنا لبَّيكَ، ربَّنا لبَّيكَ، فمن حَجَّ البيتَ، فهُو مِمَّن أجابَ دَعْوتهُ (٣).

أخبرنا عبدُ الله بن محمدِ بن عبدِ المُؤمِنِ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داود، قال (٤): حدَّثنا أحمدُ بن حَنْبل، قال (٥): حدَّثنا وكيعٌ، عن ابن جُرَيج، عن عَطاءٍ، عن ابن عبّاس، عن الفضل بن عبّاس: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لبَّى حتَّى رَمَى جَمْرةَ العَقَبةِ.


(١) سلف بإسناده، وانظر: تخريجه في موضعه، في حديث ابن شهاب، عن عيسى بن طلحة، وهو في الموطأ ١/ ٥٦٢ (١٢٦٦).
(٢) في م: "شعثه"، والتَّفث: هو ما يفعله المحرم بالحج إذا حل كقص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة (النهاية ١/ ١٩١).
(٣) انظر: الأم للإمام الشافعي ٢/ ١٤١، ومعرفة السنن، له ٤/ ١١٦.
(٤) أخرجه في سننه (١٨١٥).
(٥) أخرجه أحمد في مسنده ٣/ ٣٢٨ (١٨٢٥). وأخرجه أحمد أيضًا ٣/ ٣١٠ - ٣١٢ (١٧٩١، ١٧٩٣)، والبخاري (١٩٨٥)، ومسلم (١٢٨٠) (٢٦٧)، والترمذي (٩١٨)، والنسائي في المجتبى ٥/ ٢٦٨، وفي الكبرى ٤/ ١٧٧ (٤٠٤٧)، والبزار في مسنده ٦/ ٩٣ (٢١٤٥)، وابن الجارود في المنتقى (٤٧٦)، وأبو عوانة (٣١٣٤)، والطبراني في الكبير ١٨/ ٢٧٦ - ٢٧٧ (٧٠١)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ٣١٢، من طريق ابن جريج، به. وانظر: المسند الجامع ١٤/ ٤٦٢ - ٤٦٣ (١١١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>