للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الأصْمَعيُّ: الغَيْلُ لبنُ الحامِل. ويُقالُ: الغيلُ الماءُ الجاري على وَجْهِ الأرضِ. ويُقالُ: الغَيْلُ نيلُ مِصرَ الذي تبتُ عليه زُرُوعُهُم.

وفي هذا الحديثِ إباحَةُ الحديثِ عن الأُمم الماضينَ (١) بما يفعلُونَ.

وفيه دليلٌ على أنَّ من نَهيِهِ عليه السلام ما يكونُ أدَبًا ورِفقًا وإحسانًا لأُمَّتِهِ، ليسَ من بابِ الدِّيانةِ، ولو نَهَى عن الغِيْلةِ، كان ذلك وَجْه نهيِهِ عنها، واللهُ أعلمُ.

وقال ابنُ القاسم وابنُ الماجِشُونِ، وحَكاهُ ابنُ القاسم عن مالكٍ، ولم يَسْمعهُ منهُ، في الرَّجُل يتزوَّجُ المرأةَ وهي تُرضِعُ، فيُصيبُها وهي تُرضِعُ: أنَّ ذلكَ اللَّبن لهُ، وللزَّوج قبلهُ، لأنَّ الماءَ يُغيِّرُ اللَّبن، ويكونُ فيه الغِذاءُ، واحتجَّ بهذا الحديث: "لقَدْ هَمَمتُ أن أنْهَى عن الغِيلَةِ" (٢).

قال ابنُ القاسم: وبَلَغني عن مالك: إذا وَلَدتِ المرأةُ من الرَّجُل، فاللَّبنُ منهُ بعدَ الفِصالِ وقَبلهُ، ولو طَلَّقها وتَزوَّجَتْ وحَمَلت من الثّاني، فاللَّبنُ منهُما جَميعًا أبدًا، حتَّى يَتَبيَّن انقِطاعُهُ من الأوَّل.

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُهُ، والشّافِعيُّ: اللَّبنُ من الأوَّلِ في هذه المسألةِ، حتَّى تَضَعَ، فيكونُ من الآخرِ. وهُو قولُ ابن شهاب.

وقد رُوِيَ عن الشّافِعيّ: أنَّهُ منهُما حتَّى تَلِدَ (٣) فيكونَ من الثّاني.

وقد مَضَى القولُ في لَبنِ الفَحْل، في بابِ ابن شِهاب، عن عُرْوةَ، والحمدُ لله.


(١) في م: "الماضية".
(٢) انظر: المدونة ٢/ ٢٩٦، ومختصر اختلاف العلماء ٢/ ٣١٩ - ٣٢٠، والاستذكار ٦/ ٢٥٩. وانظر فيها ما بعده.
(٣) في م: "تضع"، والمثبت من الأصل، وهو الذي في الاستذكار وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>