للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمدُ بن عبدِ الرَّحمنِ، عن أُمِّهِ عَمْرةَ، عن عائشةَ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لعَنَ المُخْتَفِي والمُخْتَفيةَ.

قال أبو عُمر: لا أعلمُ اختِلافًا بينَ أهل العِلم: أنَّ المقصُودَ باللَّعنِ في هذا الحديثِ، هُو النَّبّاشُ الذي يحفُرُ على الميِّتِ فينبِشُهُ، ويُخرِجُهُ، ويُجرِّدُهُ من ثيابِهِ ويأخُذُها، وأمّا من فعلَ ذلك بوَليِّهِ من الموتَى لعُذرٍ ما، ووَجْهٍ غيرُ الوَجْهِ الذي ذكَرْنا، فلا بأسَ بذلك.

وقد أخرجَ جابرُ بن عبدِ الله أباهُ من قَبرهِ الذي دُفِنَ فيه، ودَفَنهُ في غيرِ ذلكَ المَوضِع، وفعلَ ذلك مُعاويةُ بشُهداءِ أُحُدٍ، حين أرادَ أن يُجري العَيْن، وذلكَ بمَحْضرٍ جَماعة (١) من الصَّحابةِ، ولم يَبْلُغني أنَّ أحدًا أنكَرهُ يومئذٍ.

واختلَفَ الفُقهاءُ في النَّبّاش (٢): هل عليه القَطْعُ إذا بلَغَ ما نَزَعهُ (٣) من الميِّتِ من الثِّيابِ، ما يَجِبُ (٤) فيه القَطْعُ أم لا؟

فقال الكُوفيُّونَ: لا قطعَ عليه، لأنَّ القبرَ ليسَ بحِرزٍ، ولأنَّ الميِّتَ لا يملكُ (٥).

وقال مالكٌ: عليه القطعُ، لأنَّ القبرَ كالبيت (٦).

وحدَّثني عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ السَّلام، قال: حدَّثنا محمدُ بن بشّارٍ بُندار، قال: حدَّثنا عبدُ الرَّحمنِ، قال: سَمِعتُ مالكًا يقولُ: القَبْرُ حِرزُ للميِّتِ، كما أنَّ البيتَ حِرزٌ للحَيِّ.


(١) هذه الكلمة سقطت من ض، م.
(٢) ينظر: الإشراف لابن المنذر ٧/ ٢٠٤.
(٣) في م: "نزع" بدل: "بلغ ما نزعه".
(٤) في م: "يحق".
(٥) المبسوط للسرخسي ٩/ ١٥٩، وبدايع الصنايع ٧/ ٦٩.
(٦) المدونة ٤/ ٥٣٧، قال: "وقد قال مثل قول مالك سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وربيعة وعطاء والشعبي". وينظر: الاستذكار ٣/ ٨٤، و ٧/ ٥٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>