للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قليلًا، ولو لَزِمتِ الجائحةُ في شَيءٍ من الثِّمارِ البائعَ بعدَ بيعِهِ، لبيَّن ذلكَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولبيَّن المِقدارَ.

وهذا معنًى اختلَفَ فيه العُلماءُ، وقد ذكَرْنا ما لهم في ذلكَ من الأقوال، وما احتجُّوا به من الآثارِ، في بابِ حُميدٍ الطَّويل، من كِتابِنا هذا، فأغْنَى عن إعادتِهِ هاهُنا.

وفي الحديثِ أيضًا: النَّدبُ إلى حَطِّ ما أُجِيحَ به المُبتاعُ في الثِّمارِ إذا ابتاعَها، نُدِبَ البائع لذلك وحُضَّ عليه، ولم يُلزِمهُ ولا قُضيَ عليه به، ألا تَرى إلى قولهِ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: "تألَّى على الله أن لا يفعَلَ خيرًا".

ومن قال بوَضع الجَوائح على المُبتاع في الثِّمارِ، وإلْزامِها البائعَ، احتجَّ بقولِه - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيتَ إذا منَعَ الله الثَّمرةَ، ففيمَ يأخُذُ أحدُكُم مالَ أخيهِ؟ " (١). وبحديثهِ أيضًا عليه السَّلامُ: أنَّهُ نَهَى عن بَيع السِّنين، وأمر بوَضْع الجَوائح (٢).

وقد مَضى ما للعُلماءِ في هذه الآثارِ من التَّأويل، والتَّخريج، والوُجُوهِ، والمعاني، في بابِ حُميدٍ، على ما ذكَرْنا، وباللّه توفيقُنا.

وقد رُوِيَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - معنى حديثِ عَمْرةَ هذا، دُونَ لفظِهِ، من حديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ، وهُو حديثٌ صحيحٌ.

أخبَرنا عبدُ الرَّحمنِ بن عبدِ الله بن خالدٍ، قال: حدَّثنا تَميم (٣)، قال: حدَّثنا


(١) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ١٤٠ (١٨٠٨) من حديث حميد الطويل، عن أنس، وتقدم شرحه.
(٢) أخرجه الحميدي (١٢٨٠)، وأحمد في مسنده ٢٢/ ٢٢١ (١٤٣٢٠)، ومسلم (١٥٥٤)، وأبو داود (٣٣٧٤)، والنسائي في المجتبى ٧/ ٢٦٥، وفي الكبرى ٦/ ٣١ (٦٠٧٥)، وأبو عوانة (٥٠٩٣)، وابن حبان ١١/ ٤٠٧ (٥٠٣١)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٣٠٦، من حديث جابر.
وانظر: المسند الجامع ٤/ ١٣١ (٢٥٤٥).
(٣) قوله: "قال: حدثنا تميم" سقط من ض، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>