للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"مَثْنَى ومَثْنَى". يَقْتضي الجُلُوسَ، والسَّلام في كلِّ ركعتينِ.

ومِمّا يدُلُّ على أنَّ صَلاةَ النَّهارِ رَكْعتينِ رَكْعتينِ، كصلاةِ اللَّيل سَواءٌ قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخَلَ أحدُكُمُ المَسجدَ، فليُصلِّ رَكْعتينِ" (١).

وأنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كان يُصلِّي قبلَ الظُّهرِ رَكْعتينِ، وبعدَهُ ركعتينِ، وقبلَ الفَجْرِ رَكْعتين (٢).

وأنَّهُ كان إذا قدِمَ من سَفرٍ صلَّى رَكْعتين (٣).

وعلى هذا القولِ جَماعةُ فُقهاءِ الحِجازِ، وإليه ذهَبَ مالكٌ، والشّافِعيُّ، وبه قال أحمدُ بن حَنْبل، واحتجَّ بنَحوِ ما ذكَرْنا.

وكان يحيى بن مَعينٍ يُخالفُ أحمد في حديثِ عليٍّ الأزديِّ، ويُضعِّفُهُ، ولا يحتجُّ به، ويَذْهبُ مذهَبَ الكُوفيِّين في هذه المسألةِ، ويقولُ: إنَّ نافِعًا، وعبدَ الله بن دينارٍ، وجَماعةً، رووا هذا الحديث عن ابن عُمرَ (٤). لم يذكُرُوا فيه: "والنَّهارِ".

قال أبو عُمر: مذهبُ أحمدَ معَ أنَّهُ مذهبُ الحِجازيِّين أوْلَى، لأنَّ ابن عُمرَ رَوَى هذا الحديث، وفهِمَ مَخْرجهُ، وكان يقولُ بأنَّ صلاةَ اللَّيل والنَّهارِ مَثْنَى مَثْنى. ولم يَكُنِ ابنُ عُمر ليُخالفَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لو فهِمَ عنه (٥) أنَّ صَلاةَ النَّهارِ بخِلافِ صَلاةِ اللَّيلِ في ذلكَ، وبالله التَّوفيقُ.


(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٣٠ (٤٤٧) من حديث أبي قتادة.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٣٥ (٤٥٩) من حديث ابن عمر.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده ٢٥/ ٥٢، ٥٤ (١٥٧٧٢، ١٥٧٧٥)، والبخاري (٣٠٨٨)، ومسلم (٧١٦)، وأبو داود (٢٧٧٣)، والنسائي في المجتبى ٢/ ٥٣، وفي الكبرى ١/ ٤٠٠ (٨١٢)، من حديث كعب بن مالك.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٨٠ (٣١٩).
(٥) هذا الحرف سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>