للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَحْناءُ، فيُقالُ (١): اترُكُوا هَذَينِ حتَّى يَفِيئا" (٢).

وهكذا رواهُ أحمدُ بن صالح، ويونُسُ بن عبدِ الأعْلَى (٣)، وسُليمانُ بن داودَ (٤)، كلُّهُم عن ابن وَهْب، مِثلهُ مُسْندًا.

وقد رَوَى معنى هذا الحديثِ مرفُوعًا عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مالكٌ (٥) وغيرُهُ، عن سُهَيل (٦) بن أبي صالح، عن أبيهِ، عن أبي هُريرةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

وأمّا قولُهُ في هذا الحديث: "شحناءُ" فالشَّحناءُ، العداوةُ.

وأمّا قولُهُ: "اركُوا (٧) هذينِ حتَّى يفيئا". فمعناهُ، أخِّرُوا هَذينِ حتَّى يَرْجِعا، ويَنْصرِفا إلى الصُّحبةِ، على ما كانا عليه، تقولُ العربُ: أخِّر هذا، وأرْج هذا، وأركِ هذا، كلُّ ذلك بمعنًى واحِد، أي: اترُكهُ، قال ذلك الأصْمَعيُّ، وغيرُهُ (٨).

وقولُهُ: "حتَّى يَفِيئا" أي: يَرْجِعا ويَتَراجعان، والفيءُ في لسانِ العَرب: الرُّجُوعُ، يُقالُ: فاءَ الظِلُّ، أي: رجَعَ، وفاءَ الرَّجُلُ، أي: رجَعَ، ومِثلُهُ قولُ الله عزَّ وجلَّ: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ٢٢٦] أي: فإن رجعُوا إلى ما كانوا عليه من وَطْءِ أزواجِهِم، وحنَّثُوا أنفُسهُم، وقال جلَّ وعزَّ: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩] أي: تُراجِع أمرَ الله، وتَرْجِعَ إلى أمْرِ الله.


(١) في ض، م: "فيقول".
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٦٥) (٣٦ م)، وأبو القاسم الجوهري في مسند الموطأ (٦٣٨) من طريق عمرو بن سواد، به.
(٣) أخرجه ابن خزيمة (٢١٢٠)، وابن حبان ١٢/ ٤٨٣ (٥٦٦٧)، وابن المظفر في غرائب مالك (١٠٧) من طريق يونس بن عبد الأعلى، به.
(٤) أخرجه أبو القاسم الجوهري في مسند الموطأ (٦٣٨) من طريق سليمان بن داود، به.
(٥) أخرجه في الموطأ ٢/ ٤٩٥ (٢٦٤٢).
(٦) في م: "سهل"، محرف، وهو سهيل بن أبي صالح، السمان، أبو يزيد المدني. انظر: تهذيب الكمال ١٢/ ٢٢٣.
(٧) في م: "اتركوا".
(٨) ينظر: لسان العرب، مادة "ركا".

<<  <  ج: ص:  >  >>