للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: لأنَّ شرطَ الشهادةِ شديدٌ، فمن ذلك ألّا يَغُلَّ، ولا يَجْبُن، وأن يُقتَلَ مُقبِلًا غيرَ مُدبر، وأنْ يُياسِرَ الشَّريكَ، ويُنفقَ الكريمة، ونحوُ هذا، كما قال مُعاذ (١)، واللَّهُ أعلم.

ورَوينا في هذا المعنَى عن عبدِ اللَّه بن عمرِو بنِ العاص، أنّه قال: لا تَغُل، ولا تُخْفِ غُلُولًا، ولا تُؤذِ جارًا ولا رفيقًا ولا ذِمِّيًّا، ولا تَسُبَّ إمامًا، ولا تَفِرَّ من الزَّحف (٢). يعني: ولك الشَّهادةُ إنْ قُتِلْتَ.

واختَلَفوا أيضًا في شهيدِ البحر، أهو أفضلُ أم شهيدُ البرِّ؟

فقال قوم: شهيدُ البرِّ أفضلُ. واحتجُّوا بقولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفضلُ الشُّهداءِ مَن عُقِرَ جوادُه، وأُهْريق دمُه" (٣).


(١) في الحديث الذي أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٦٠٠ (١٢٤٠) عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن معاذ بن جبل رضي اللَّه عنه موقوفًا. وإسناده منقطع؛ فإن يحيى بن سعيد لم يسمع من معاذ.
ويروى مرفوعًا، أخرجه أحمد في المسند ٣٦/ ٣٦٨ (٢٢٠٤٢)، والدارمي (٢٤١٧)، وأبو داود (٢٥١٥)، والنسائي في المجتبى (٣١٨٨) و (٤١٩٥)، وفي الكبرى ٤/ ٣٠٩ (٤٣٨٢) و ٧/ ١٨٧ (٧٧٧٠) و ٨/ ٧٤ (٨٦٧٧) من طرق عن بقيّة بن الوليد، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن أبي بحرية عبد اللَّه بن قيس، عن معاذ بن جبل، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، به. وإسناده ضعيف، بقيّة بن الوليد ضعيف ويدلّس تدليس التسوية، ولا يُقبل منه إلّا أن يصرِّح في جميع طبقات السند. وينظر: العلل للدارقطني ٦/ ٨٤ (٩٩٧).
وقوله: "يُياسِرَ الشريك" معناه: الأخْذَ باليُسْر في الأمر، والسُّهولة فيه مع الشريك والصاحب والمعاونة لهما. ينظر: معالم السُّنن ٢/ ٢٤٣.
(٢) أخرجه عبد اللَّه بن المبارك في الجهاد (٢٥٤) عن موسى بن أيوب الغافقيّ، قال: حدَّثني رجل، أنّ مولًى لعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، أتى عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فقال: إنّي أريد غزْوَ البحر، فأوْصِني، قال، فذكره. وإسناده ضعيف لجهالة الرجل بين موسى بن أيوب، وعبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما.
(٣) سلف تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>