للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ كُريبًا مولى ابن عبّاسٍ أخبَرهُ، قال: سألتُ ابن عبّاسٍ قلتُ: كيفَ كانت صَلاةُ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - باللَّيل؟ قال: بتُّ عِندَهُ ليلةً، وهُو عِندَ ميمُونةَ، فاضْطَجعَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومَيْمُونةُ على وِسادةٍ من أدم مَحْشُوَّة ليفًا، فنامَ حتَّى إذا ذهَبَ ثُلُثُ اللَّيل، أو نِصفُهُ، اسْتَيقظَ، فقامَ إلى شنِّ فيه ماءٌ، فتَوضَّأ، وتوضَّأتُ مَعهُ، ثُمَّ قامَ، فقُمتُ إلى جَنْبِهِ، على يَسارِهِ فجَعَلني على يَمينِهِ، ووضَعَ يدهُ على رأسي، فجعلَ يَمْسحُ أُذُني، كأنَّهُ يُوقِظُني، فصَلَّى رَكْعتينِ خَفِيفتينِ، قلتُ: قَرَأ فيهِما بأُمِّ القُرآنِ في كلِّ ركعةٍ، ثُمَّ سلَّمَ، ثُمَّ صلَّى إحْدَى عَشْرةَ ركعةً بالوِترِ، ثُمَّ نامَ حتَّى اسْتَثقلَ، فرأيتُهُ ينفُخُ. ولم يذكُر أبو داود: حتَّى اسْتَثقلَ فرأيتُهُ ينفُخُ. ثمَّ اتَّفقا. فأتاهُ بلالٌ، فقال: الصَّلاةَ يا رسولَ الله، فقامَ فصلَّى رَكْعتينِ، ثُمَّ صلَّى للنّاسِ. زاد ابنُ عبدِ الحَكَم: ولم يتوضَّأ. وليسَ ذلك في حديثِ عبدِ الملكِ بن شُعيبٍ. وفي حديثِ ابن عبدِ الحكم أيضًا: أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في كان يَقْرأُ في بعضِ حُجَرِهِ، يَسْمَعُ قِراءَتهُ من كان خَلْفهُ. وليسَ ذلكَ في حديثِ عبدِ الملكِ بن شُعَيبٍ، فيما ذكَرَ (١) أبو داود.

قال أبو عُمر: أكثرُ ما رُوِيَ عنهُ، من رُكُوعِهِ في صَلاتِهِ باللَّيل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ما رُوِيَ في هذا الخَبرِ عن ابن عبّاس، من حديثِ كُريبٍ هذا، وما كان مِثلُهُ، وليسَ في عَدَدِ الرَّكعاتِ من صَلاةِ اللَّيل حَدٌّ محدُودٌ عِندَ أحدٍ من أهلِ العِلْم لا يُتَعدَّي، وإنَّما الصَّلاةُ خير موضُوع، وفِعلُ برٍّ، وقُرْبةٌ، فمن شاءَ اسْتكثرَ، ومن شاءَ اسْتَقلَّ، واللّه يُوفِّقُ ويُعينُ من يَشاءُ برحمَتِهِ، لا شَرِيكَ لهُ (٢).


(١) في م: "ذكره".
(٢) قد ثبت أيضًا من حديث أبي سَلَمَة بن عبد الرَّحمن، عن عائشة، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، في صلاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالليل، قالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره، على إحدى عشرة ركعة. أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٧٧ (٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>