للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: قد ذكَرنا ما بلَغَنا في ذلك، ورُوِيَ من حديثِ عبدِ اللَّه بنِ عمرِو بنِ العاص، عن النبيِّ عليه السلامُ أنّه قال: "لا يركبُ البَحرَ رجلٌ إلّا غازيًا، أو حاجًّا، أو مُعتمرًا، فإنَّ تحتَ البحرِ نارًا"، الحديثَ (١). وهو حديثٌ ضعيفٌ مُظْلمُ الإسناد، لا يُصحِّحُه أهلُ العلم بالحديث؛ لأنَّ رُواتَه مجهولون لا يُعرَفون، وحديثُ أمِّ حرام هذا يَرُدُّه، وفيما رواه يعلَى بنُ شدّادٍ عن أُمِّ حرام كفايةٌ في ردِّه.

وقد ذكَر أبو بكر بنُ أبي شيبة، قال (٢): حدَّثنا حفصُ بنُ غِياث، عن ليث، عن مُجاهد، قال: لا يَركبُ البحرَ إلا حاجٌّ، أو غازٍ، أو مُعتمرٌ.

وأكثرُ أهلِ العلم يُجِيزون رُكوبَ البحرِ في طلبِ الحَلالِ إذا تعذَّرَ البَرُّ ورُكِب البحرُ في حينٍ يَغلبُ عليه فيه السُّكونُ، وفي كُلِّ ما أباحَه اللَّهُ ولم يَحْظُرْه، على حديثِ أمِّ حرام وغيرِه، إلّا أنّهم يَكْرهُون رُكوبَه في الاسْتغزارِ من طلبِ الدُّنيا والاستكثارِ من جمْع المال، وباللَّه التوفيق.

ذكَر أبو بكر بنُ أبي شيبة، قال (٣): حدَّثنا عبدُ الأعلى، عن يُونسَ، عن الحسن، أنَّ عمرَ بنَ الخطاب قال: عَجِبْتُ لراكبِ البحر.


(١) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٣٩٣)، وعنه أبو داود (٢٤٨٩)، ومن طريقه -يعني سعيد بن منصور- الطبراني في الكبير ١٣/ ٥٨٤ (١٤٤٩٩)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ١٨ (١١٤٠٧) جميعهم عن إسماعيل بن زكريّا الخُلْقانيّ، عن مطرِّف بن طريف الكوفيّ، عن بشر بن أبي عبد اللَّه، عن بشير بن مسلم الكندي، عن عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما، به. وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٢/ ١٠٤ (١٨٤٦) عن أبي الربيع الزُّهرانيّ سليمان بن داود العَتَكي، عن إسماعيل بن زكريّا الخُلْقانيّ، عن مطرِّف بن طريف، عن بشير أبي عبد اللَّه الكندي، عن عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما. وهو حديث ضعيف لجهالة بشير بن مسلم الكندي وبشر أبو عبد اللَّه الكندي كما في التقريب (٧٢١) و (٧٠٩)، وللاضطراب في إسناده، وقد بيَّنه البخاري في تاريخه وقال: "لم يصحَّ حديثه".
(٢) في المصنَّف (١٩٧٥٥). ليث: هو ابن أبي سُليم، ضعيفٌ، ومجاهدٌ: هو ابن جبر المكّي.
(٣) في المصنَّف (١٩٧٥٦)، وإسناده ضعيف، فإن الحسن البصري لم يسمع من عمر رضي اللَّه عنه.
عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى الساميّ، ويونس: هو ابن عُبيد البصْريّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>