للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاءَت آثارٌ تُصحِّحُ ذلك، والحمدُ لله.

وقد قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تُعمَلُ المطِيُّ إلّا إلى ثلاثةِ مساجِدَ، مَسجدي هذا، والمَسجدِ الحرام، ومسجِدِ بيتِ المَقْدِسِ" (١). ولم يذكُر مسجِد قُباءٍ، وجائزٌ أن يكونَ معنَى (٢) إعمالُ المطيِّ إلى الثَّلاثةِ مَساجِد إعمالُ مَشَقَّةٍ وكُلْفةٍ، فلا يلزمُ ذلك في غيرِها والرِّحلَةُ غيرُ إعمالُ المطيِّ، والله أعلمُ.

قال أبو عُمر: وأشْبَهُ ما قيلَ في ذلك بأُصُول سُنَّتِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنَّهُ كان يأتي مَسجد قُباءٍ للصَّلاةِ فيه، واللّهُ أعلمُ، وأكثرُ ما رُوِيَ في ذلك، وأعلى ما قيلَ فيهِ.

وقدِ اختُلِفَ (٣) في المسجدِ الذي أُسِّسَ على التَّقوي، فقيل: مَسجدُ قُباءٍ، وقيل: مسجِدُ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقدِ اسْتَدلَّ من قال: إنَّ مَسجدَ قُباءٍ، هُو المسجدُ الذي أُسِّسَ على التَّقوى، يقول من قال من أهلِ العِلم: إنَّ هذه (٤) الآيةَ نَزَلت في أهلِ (٥) قُباء: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: ١٠٨].

ذكر وكيعٌ، عن طَلْحةَ بن عَمرٍو، عن (٦) عطاءٍ، قال: أحدث قومٌ من أهل قُباءٍ الوُضُوءَ وضوءَ الاستِنجاءِ، فأنزل الله فيهم: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} (٧).


(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٦٥ - ١٦٦ (٢٩١).
(٢) سقطت هذه اللفظة من م.
(٣) في م: "وقد اختلف العلماء"، والمثبت من الأصل.
(٤) اسم الإشارة لم يرد في الأصل، وهو في ظا.
(٥) زاد هنا في م: "مسجد".
(٦) في م: "وعن"، وهو خطأ.
(٧) أخرجه الطبري في تفسيره ١٤/ ٤٩٠ (١٧٢٤٣) من طريق طلحة بن عمرو، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>