للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا الحديثِ من الفِقه: الرُّخصةُ في التَّخلُّفِ عن الجَماعةِ في ليلةِ المطرِ والرِّيح الشَّديدةِ، وقيلَ: إنَّ هذا إنَّما كان في السَّفَرِ. وعلى ذلكَ تدُلُّ تَرْجمةُ مالكٍ للبابِ الذي ذُكِرَ فيه هذا الحديثُ.

وقيل: إنَّ ذلكَ كان يومَ جُمُعةٍ. وإذا كان في السَّفرِ، فلا معنَى فيهِ (١) لذِكرِ يوم الجُمُعةِ، وجائزٌ أن يكون (٢) ذلكَ الوَقْتَ كانوا يُصلُّونَ بصلاةِ الإمام في رِحالهم (٣)، وجائزٌ أن تكونَ لهم رُخصةٌ في سَفَرِهِم يتخلَّفُونَ عن الجماعةِ، لشِدَّةِ المؤْنةِ (٤) في السَّفرِ.

وفي ذِكرِ الرِّحالِ دليلٌ، على أنَّهُ كان في سَفَرٍ، والله أعلمُ.

وقد قيلَ (٥): إنَّ ذلك جائزٌ في الحَضَرِ والسَّفرِ، ولا فرقَ بين الحَضَرِ والسَّفرِ؛ لأنَّ العِلَّةَ المطرُ والأذَىَ، والسَّفرُ والحضرُ في ذلكَ سواءٌ، فيدخُلُ السَّفرُ بالنَّصِّ، والحضرُ بالمعنى، لأنَّ العِلَّةَ فيه المطرُ.

وقد رخَّصت جماعةٌ من أهل العِلم، في وَقْتِ المطرِ الشَّديدِ، في التَّخلُّفِ عن الجُمُعةِ، لمن وجبت عليه، فكيفَ بالجماعةِ في غيرِ الجُمُعةِ؟

وقد مَضَى القولُ فيمن ذهَبَ إلى أنَّ الجماعةَ شُهُودُها لمن سمِعَ النِّداءَ فَرِيضةٌ، ومن قال: إنَّ ذلك سُنَّةٌ، وليسَ بفَرْضٍ، فيما سلَفَ من كِتابِنا هذا، وسيتكرَّرُ القولُ في ذلك في مواضِعَ من كِتابِنا هذا، إن شاءَ الله.

واستدلَّ قومٌ على أنَّ الكلامَ في الأذانِ جائزٌ بهذا الحديثِ (٦) إذا كان الكلامُ


(١) هذه الكلمة سقطت من ض، م.
(٢) في م: "يكونوا"، والمثبت من الأصل.
(٣) في ض، م: "رحال لهم".
(٤) في م: "المضرة".
(٥) في م: "وقيل" بدل: "وقد قيل".
(٦) من قوله: "في مواضع" إلى هنا، لم يرد في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>