للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رَوَى حمّادُ بن سلَمَةَ، عن حُميدٍ، عن أنَس، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن بيع العِنَبِ حتَّى يَسْودَّ، وعن بيع الحبِّ حتَّى يَشْتدَّ (١).

وقد كان الشّافِعيُّ مرَّةً يقولُ: لا يجُوزُ بيعُ الحبِّ في سُنبُلهِ، وإنَّ اشتدَّ، واسْتَغنى عن الماءِ. ثُمَّ بلَغَهُ هذا الحديثُ، فرجعَ إلى القولِ به، وأجازَ بَيْع الحِنْطةِ زرعًا في سُنبُلهِ، قائمًا على ساقِهِ إذا يبِسَ، واسْتَغنى عن الماءِ، كقولِ سائرِ العُلماءِ، وهُو ما لا خِلافَ فيه عن جَماعةِ فُقهاءِ الأمْصارِ، وأهل الحديثِ.

وقد رُوِيَ عن ابن شِهاب: أنَّهُ أجازَ بَيْعهُ فَرِيكًا قبلَ أن يشتدَّ. وخالَفهُ مالكٌ وغيرُهُ، ومالُوا إلى ظاهِرِ الحديث: حتَّى يبيضَّ ويَشْتدَّ، ويستغني عن الماءِ.

ومن قول الشّافِعيّ: أنَّ كلَّ ثمَرَةٍ وزَرْع دُونها حائلٌ من قِشْرٍ، أو أكمام، وكانت إذا صارَتْ إلى مالكيها، أخرَجُوها من قِشْرِها وأكمامِها ولم تَفْسُد بإخراجِهِم لها. قال: فالذي أختارُ فيها: أن لا يجُوز بَيْعُها في شَجَرِها، ولا موضُوعةً بالأرضِ للحائلِ دُونها (٢).

وحُجَّتُهُ في ذلكَ: الإجماعُ على لحم الشّاةِ المذبُوحةِ غيرِ المسلُوخة، أنَّهُ لا يجُوزُ بيعُهُ حتَّى تُسلَخَ، وتُخرج من الجِلدِ. قال: ولم أجِد أحدًا من أهلِ العِلْم


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٢٩٨٠)، وأحمد في مسنده ٢١/ ٣٧، ٢٢٢ (١٣٣١٤، ١٣٦١٣)، وأبو داود (٣٣٧١)، وابن ماجة (٢٢١٧)، والترمذي (١٢٢٨)، وأبو يعلى (٣٧٤٤)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٢٤، وابن حبان ١١/ ٣٦٩ (٤٩٩٣)، والدارقطني في سننه ٣/ ٤٦٨ (٢٩٨٦)، والحاكم في المستدرك ٢/ ١٩، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٣٠٣، والبغوي في شرح السنة (٢٠٨٢) من طريق حماد بن سلمة، به. وانظر: المسند الجامع ٢/ ٤٠ - ٤١ (٧٧٣).
وقد اقتصر الترمذي على تحسينه، فقال: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث حماد بن سلمة. وآفتة أنه رُوي موقوفًا من وجه أرفع، فقد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٢٩٧٩) عن محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، عن حميد، عن أنس، قال حميد: سمعته يقول: لا يباع العنب حتى يسوَدَّ. وانظر: المسند المصنف المعلل ٢/ ٣٠٨ (٨٢٣).
(٢) انظر: الأم ٣/ ٥٠، والحاوي الكبير ٥/ ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>