للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخرُونَ: كلُّ ما مُلِكَ بالشِّراءِ، فلا يجُوزُ بيعُهُ قبلَ القَبْضِ، إلّا العقارَ وحدهُ. وهُو قولُ أبي حَنِيفةَ، وإليه رجعَ أبوُ يُوسُف (١).

وجُملةُ قولِ أصْحابِ أبي حَنِيفةَ: أنَّ المهرَ والجُعْل، وما يُؤخَذُ في الخُلْع، جائزٌ أن يُباعَ ما مُلِكَ من هذه الوُجُوهِ قبلَ القبضِ، والذي لا يُباعُ قبلَ القَبْضِ ما اشْتُري، أوِ استُؤجِرَ به (٢).

وقال آخرُونَ: كلُّ ما مُلِكَ بالشِّراءِ أو بعِوَضٍ، من جميع الأشْياءِ كلِّها، عَقارًا كان أو غيرهُ، مأكُولًا كان أو مشرُوبًا، مَكِيلًا كان أو موزُونًا، أو غيرَ مَكِيلٍ ولا موزُونٍ، ولا مأكُولٍ ولا مشرُوبٍ، من كلِّ ما يجري عليه البيعُ، لا يجُوزُ بيعُ شيءٍ منهُ قبلَ القَبْضِ.

ومِمَّن قال بهذا: سُفيانُ الثَّوريُّ، وابنُ عُيينةَ، والشّافِعيُّ. وبه قال محمدُ بن الحسنِ. وهُو قولُ عَبدِ الله بن عبّاس، وجابرِ بن عبدِ الله رضي الله عنهُما (٣).

ومن حُجَّةِ من ذهَبَ هذا المذهَبَ: أنَّ عبد الله بن عبّاس (٤)، وجابر بن عبدِ الله (٥) رَوَيا عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنهُ قال: "منِ اشْتَرى طعامًا، فلا يبِعهُ حتَّى يَقْبِضهُ". وأفْتَيا جميعًا بأن لا يُباعَ بيعٌ حتَّى يُقبضَ. وقال ابنُ عبّاس: كلُّ شيءٍ عِندي مِثلُ الطَّعام.

فدلَّ على أنَّهُما فَهِما عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - المُرادَ والمعنى.


(١) مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٢٩.
(٢) انظر: الاستذكار ٦/ ٣٧٣.
(٣) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١٤٢٣٥)، وابن أبي شيبة (٢١٧٥٢).
(٤) سيأتي بإسناده لاحقًا، ويخرج في موضعه.
(٥) أخرجه أحمد في مسنده ٢٢/ ٣٨٩، و ٢٣/ ٣٨٥ (١٤٥١٠، ١٥٢١٦)، ومسلم (١٥٢٩)، وأبو عوانة (٤٩٦٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٣٨، من حديث جابر. وانظر: المسند الجامع ٤/ ١٤٠ (٢٥٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>