للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُشْتري، فيَرْغَبَ فيها، أو يَمْدحُها بما ليسَ فيها، فيَغْترَّ المُشتري، حتَّى يزيدَ فيها، أو يفعل ذلك البائعُ (١) بنفسِهِ، ليغُرَّ النّاس في سِلْعتِهِ، وهُو لا يعرِفُ أنهُ ربُّها.

هذا معنى النَّجْشِ عندَ أهل العِلم، وإن كان لفظي رُبَّما خالَفَ شيئًا من ألفاظِهِم، فإن كان ذلك، فإنَّهُ غيرُ مُخالفٍ لشيءٍ من مَعانيهِم (٢).

وهذا من فِعلِ فاعِلهِ، مَكْرٌ وخِداعٌ، لا يجُوزُ عندَ أحَدٍ من أهل العِلم، لنَهْي رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عن النَّجشِ، وقوله: "لا تَناجَشُوا" (٣). وأجمَعُوا أنَّ فاعِلهُ عاصٍ للّه، إذا كان بالنَّهي عالمًا.

واختلَفَ الفُقهاءُ في البَيْع على هذا إذا صحَّ، وعُلِمَ به.

فقال مالكٌ: لا يجُوزُ النَّجشُ في البيع، فمَنِ اشْتَرى سِلْعةً منجُوشَةً، فهُو بالخيارِ إذا علِمَ، وهُو عيبٌ من العُيُوبِ.

قال أبو عُمر: الحُجَّةُ لمالكٍ في قولهِ هذا عِندِي: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جَعلَ لمُشْتري المُصرّاةِ الخيارَ (٤). إذا علِمَ بعيبِ التَّصريةِ، ولم يَقْضِ بفسادِ البيع، ومعلُومٌ أنَّ التَّصريةَ غشٌّ (٥)، ومكرٌ وخديعةٌ.

فكذلك النَّجشُ يصِحُّ فيه البيعُ، ويكونُ المُبتاعُ بالخيارِ من أجلِ ذلكَ قياسًا ونظرًا، واللّه أعلمُ.


(١) هذه الكلمة لم ترد في الأصل، م.
(٢) ينظر: البيان والتحصيل ١٧/ ١٧١، ومختصر المزني ٨/ ١٨٦.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٢١٦ - ٢١٧ (١٩٩٥).
(٤) أخرجه أحمد في مسنده ١٥/ ٢٣٢ (٩٣٩٧)، ومسلم (١٥٢٤) (٢٤)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٩، من حديث أبي هريرة.
(٥) في الأصل، م: "نجش"، والمثبت من ظا.

<<  <  ج: ص:  >  >>