للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكَر يحيى بنُ سَلّام، عن شَرِيك (١)، عن سِمَاكِ بنِ حرب، عن عكرمة، قال: ما أُحِلَّتِ الغنيمةُ لأحَدٍ قبلَكم، ولا حُرِّمت الخمرُ على قوم قبلَكم.

ولما اختلفَ العلماءُ فيما تقدَّم ذِكْرُنا له من مُسكِرِ الأنبذَة، وجَب الرُّجوعُ عندَ تنازُعِهم في ذلك إلى ما ورَدَ به الكتاب، أو قام دليلُه منه، أوَ ثبتَتْ به سُنَّةٌ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد ذكَرْنا ما يُوجِبُه إطْلاقُ اسم الخمر، وما يَعرِفُه أهلُ اللسانِ من اشتقاقِها.

وأمّا السُّنة، فالآثارُ الثابتةُ كلُّها في هذا الباب تَقْضي على صحَّةِ قولِ أهلِ الحجاز. وقد روَى أهلُ العراقِ فيما ذهَبوا إليه آثارًا لا يَصِحُّ شيءٌ منها عندَ أهلِ العلم بالحديث، وقد أكثرَ الناسُ في تعليلِ تلك الأحاديث، وفي الاستظهارِ بتكريرِ الآثارِ في تَحريم المُسْكِر، ونحن نذكُرُ منها في هذا الباب ما يُغْنِي ويَكفِي عن التطويل. وقد مفَى في هذا الباب عن عمرَ رضيَ اللَّه عنه أنَّ الخمرَ من خمسةِ أشياء، وحسبُكَ به عالمًا باللسانِ والشرع.

وروَى يحيى بنُ أبي كثير، عن أبي كثيرٍ الغُبَريِّ السُّحَيميِّ، واسمُه يزيدُ بنُ عبدِ الرَّحمن، عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الخمرُ من هاتينِ الشَّجرتَين؛ النَّخلةِ والعِنَبة". وفي هذا ما يُبيِّنُ لك أنَّ الخمرَ من غيرِ العِنَب، رواه عن يحيى جماعةٌ من أصحابِه (٢).


= وأخرجه الطيالسي في مسنده (٢٨٦٧)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٢٩١ (٦٨١١) من طريق شعبة بن الحجاج، به. وهو حديث صحيح، ورجال إسناده ثقات. مسدّد: هو ابن مسرهد، وأبو الحكم: هو عمران بن الحارث السُّلَميّ.
(١) هو شريك بن عبد اللَّه النخعي، وشيخه سماك بن حرب روايته عن عكرمة مولى ابن عباس خاصةً مضطربة.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٩/ ٢٣٤ (١٧٠٥٣)، وعنه أحمد في المسند ١٣/ ١٧٥ (٧٧٥٣) كلاهما عن معمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير الطائيّ، به.
وأخرجه مسلم (١٩٨٥) (١٣) من طريق الحجّاج بن أبي عثمان الصواف، وأبو داود (٣٦٧٨) من طريق يحيى بن سعيد القطان، والنسائي في المجتبى (٥٥٧٣)، وفي الكبرى ٥/ ٧٢ (٥٠٦٤) من طريق حجاج بن أبي عثمان الصواف، كلاهما حجّاج الصواف ويحيى القطان، عن يحيى بن أبي كثير الطائيّ، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>