للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال قائلُونَ: هذا الخيارُ المُشْتَرطُ من كلِّ واحدٍ منهُما، على حَسَبِ ما يجُوزُ من ذلك، كالرَّجُلِ يَشْترِطُ الخيار ثلاثةَ أيام، أو نحوها، فإنَّ المُسلِمينَ على شُرُوطِهِم (١). هذا قولُ الشّافِعيِّ، وأبي ثَوْرٍ، وجماعةٍ.

وقال آخرُونَ: معنى قولِه: "إلّا بيعَ الخيارِ". وقولِهِ: "إلّا أن يكونَ بيعُهُما عن خِيار". ونحوِ هذا، هُو أن يقول أحدُهُما بعد تمام البيع لصاحِبِهِ: اخْتَر إنفاذ البيع أو فسخهُ، فإنِ اختارَ إمضاءَ البيع، تمَّ البيعُ بينهُما وإن لم يتَفرَّقا (٢). هذا قولُ الثَّوريِّ، واللَّيثِ بن سَعْدٍ، والأوزاعيِّ، وابنِ عُيينةَ، وعُبيدِ الله بن الحسن (٣)، وإسحاق بن راهُوية (٤). ورُوي ذلك أيضًا عن الشّافِعيِّ.

وكان أحمدُ بن حَنْبل يقولُ: هُما بالخيارِ أبدًا، قالا هذا القول أو لم يقولاهُ، حتَّى يَفْترِقا بأبْدانِهِما من مَكانِهِما.

حدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال حدَّثنا أبو داود، قال (٥): حدَّثنا مُسدَّدٌ، قال: حدَّثنا حمّاد، عن جَميلِ بن مُرَّةَ، عن أبي الوَضِيء، قال: غَزَونا غزوةً، فنزلنا مَنْزِلًا، فباعَ صاحِبٌ لنا فرسًا بغُلام، ثُمَّ أقاما بقيَّةَ يومِهِما وليلتِهِما، فلمّا أصْبَحا (٦) من الغَدِ، وحضَرَ الرَّحيلُ (٧)، قامَ إلى فَرسِهِ ليُسْرِجهُ


(١) قوله: "فإن المسلمين على شروطهم" لم يرد في الأصل.
(٢) في ظا: "يفترقا".
(٣) في الأصل: "بن الحسين". وقد سلف التنبيه عليه.
(٤) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٤٦.
(٥) في سننه (٣٤٥٧). ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ٥/ ٢٧٠. وأخرجه أحمد في مسنده ٣٣/ ٤٧ (١٩٨١٣)، وابن ماجة (٢١٨٢)، والبزار في مسنده ٩/ ٣٠٥ - ٣٠٦ (٣٨٦٠)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٣، وفي شرح مشكل الآثار ١٣/ ٢٧٦ (٥٢٦٣) من طريق حماد، به. وأخرجه البزار في مسنده ٩/ ٣٠٦ (٣٨٦١/ ١)، والدار قطني في سننه ٣/ ٣٨٥ (٢٨٠٩) من طريق هشام بن حسان، عن جميل بن مرة، به. وانظر: المسند الجامع ١٥/ ٤٨٦ (١١٨٤٤).
(٦) في ظا: "أصبح".
(٧) في ض، م: "الرجل".

<<  <  ج: ص:  >  >>