للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو داود (١): وحدَّثنا الوليدُ بن عُتبةَ الدِّمشقيُّ، قال: قال الوليدُ، يعني ابن مُسلِمٌ: حدَّثتُ ابن المُباركِ بهذا الحديثِ، وقلتُ: وكذا حدَّثنا ابنُ أبي فَرْوةَ، عن نافِع. فقال: لا يَعدِلُ من سمَّيتَ بمالكٍ. كذا أو نحوهُ.

قال أبو عُمرَ: إنَّما قال ابنُ المُباركِ هذا القولَ، لأنَّ شُعَيبَ بن أبي حمزةَ، خالَفَ مالكًا في معنى هذا الحديثِ، لأنَّ مالكًا جعَلَ الاثنَيْ عشَرَ بعيرًا من سُهمانِ السَّريَّةِ، وذكرَ أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بعَثَها، وأنَّ القِسْمةَ والنَّفلَ كان كلُّ ذلك لها، لا يَشْرَكُها فيه جَيْشٌ ولا غيرُهُ. وجعَلَ شُعَيبُ بن أبي حَمْزةَ السَّريَّةَ مُنْبعِثةً من جَيْشٍ، وأنَّ قِسْمةَ ما غَنِمُوا كان بين أهلِ العَسْكرِ وأهل السَّريَّة (٢)، وأنَّ أهل السَّريَّةِ فُضِّلُوا على الجَيْشِ ببعيرٍ بعيرٍ، لموضِع شَخَصِهِم (٣) ونَصبِهِم.

وهذا حُكمٌ آخرُ عندَ جماعةِ الفُقهاءِ.

إلّا أنَّهُم لا يختلِفُونَ أنَّ كلَّ ما أصابَتهُ السَّريَّةُ، شَرِكهُم فيه أهلُ الجَيْشِ، وكذلكَ ما صارَ لأهلِ العَسْكرِ، شَرِكهُم فيه أهلُ السَّريَّةِ، لأنَّ كلَّ واحدٍ منهُم رِدْءٌ لصاحِبِهِ، إلّا ما كان من النَّفلِ الجائزِ لأهْلِ العَسْكرِ وللسَّرايا، على حَسَبِ ما نُبيِّنُ في هذا البابِ إن شاءَ الله.

وحديثُ اللَّيثِ ومالكٍ وعُبيدِ الله بن عُمر وأيُّوب، عن نافِع، يدُلُّ على أنَّ الاثنَيْ عشَرَ بعيرًا، كان سُهمان السَّريَّةِ، وأنَّهُم هُمُ الذين نُفِّلُوا مع ذلكَ بعيرًا بعيرًا. إلّا أنَّ في حديثِ اللَّيثِ دليلًا على أنَّ الأمير نفَّلهم، لِقولِهِ: فلم يُغيِّر ذلكَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. وفي حديثِ عُبيدِ الله بن عُمرَ: فنفَّلَنا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَعِيرًا بعيرًا.


(١) في سننه (٢٧٤٢).
(٢) قوله: "وأهل السرية" سقط من ظا.
(٣) شخص عن قومه: خرج منهم، وشخص إليهم: رجع، والشاخص: الذي لا يُغِبُّ الغزو.
أي: يداوم عليه. انظر: تاج العروس للزبيدي ١٨/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>