للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وكلُّ ما وقعَ عليه اسمُ غنيمةٍ خُمسَ إلّا السَّلَب، فإنَّهُ خرجَ بما يجِبُ التَّسليمُ لهُ. وهُو قولُ الشّافِعيِّ.

واحتجُّوا أيضًا مع حديثِ ابنِ مَسْلمةَ، بحديثِ مَعْنِ بن يزيد السُّلميِّ، قال: سمِعتُ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "لا نَفْلَ إلّا بعدَ الخُمُسِ" (١).

قال محمدُ بن جريرٍ: ولا نفلَ بعد إحرازِ الغَنيمةِ، إلّا من سَهْم النَّبيِّ عليه السَّلامُ، لأنَّهُ مُحالٌ أن يُنفَّلَ من أموالِ المُوجِفينَ، أو من سَهْم ذي القُربَى واليَتامى والمساكينِ وابنِ السَّبيلِ.

قال: وإنَّما النَّفلُ قبلَ الغَنيمةِ، وذلك أن يَرَى الإمامُ من المُسلِمين ضعفًا، ومِن المُشرِكينَ نشاطًا، وهُو مُحاصِرٌ حِصنًا، فيُحرِّضُ من مَعهُ على عدُوِّهِم، فيقولُ: من طلَعَ إلى الحِصْنِ، أو هَدَمَ هذا السُّور، أو دخلَ هذا النَّقْب، أو فعلَ كذا، فلهُ كذا وكذا. على ما كان من قولِهِ - صلى الله عليه وسلم - يوم بدرٍ وغير بدرٍ، إغراءً منهُ بالعدُوِّ. وقال: والسَّلَبُ غيرُ النَّفلِ.

قال أبو عُمرَ: سيأتي القولُ في السَّلَبِ وحُكْمِهِ، وهل يُخمَّسُ أم لا؟ في مَوْضِعِهِ من كِتابِنا هذا، عندَ ذِكرِ حديثِ أبي قَتادةَ (٢) في ذلكَ، في بابِ يحيى بن سَعيدٍ، إن شاءَ الله.

واختلَفَ العُلماءُ أيضًا في النَّفلِ في أوَّلِ مَغْنم، وفي النَّفلِ في العَيْنِ من الذَّهَبِ والفِضَّة (٣)، فذهَبَ الشّاميُّون إلى أن لا نفلَ في أوَّلِ مَغْنم. رُوي ذلك عن رَجاءِ بن حَيْوةَ، وعُبادةَ بن نُسيٍّ، وعديِّ بن عديٍّ الكِنْديٍّ، ومَكْحُولٍ،


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٢٥/ ١٩٤ (١٥٨٦٢)، وأبو داود (٢٧٥٣، ٢٧٥٤)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٣/ ٢٤٢، والطبراني في الأوسط ٤/ ١١٤ (٣٧٤٨)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٣١٤، من حديث معن بن يزيد، به، وفيه قصة. وانظر: المسند الجامع ١٥/ ٣٧٣ (١١٧١٨).
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٨٥ (١٣١١).
(٣) هذه الكلمة سقطت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>