للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخيلُ التي يجِبُ أنَّ تُضمَّر ويُسابَقَ عليها وتُقامَ هذه السُّنّة فيها، هي (١) الخيلُ المُعدَّةُ لجِهادِ العدُوِّ، لا لقِتالِ المُسلِمينَ في الفِتنِ، فإذا كانت خَيْلًا مُرتبَطةً مُعدَّةً للجِهادِ في سبيلِ الله، كان تَضْميرُها، والمُسابقةُ بها سُّنّةً مسنُونةً، على ماجاءَفي هذا الحديثِ.

وفي هذا الحديثِ أيضًا من الفِقهِ: أنَّ المُسابقةَ يجِبُ أن يكونَ أمَدُها معلُومًا.

وأن تكونَ الخيلُ مُتساويةَ الأحْوالِ.

وأن لا يُسَبَّق المُضَمَّرُ مع غيرِ المُضَمَّر في أمَدٍ واحدٍ، وغايَةٍ واحدةٍ.

واختلَفَ الفُقهاءُ في مَعانٍ من هذا البابِ، نذكُرُها إن شاءَ الله.

وأمّا قولُهُ في هذا الحديثِ: الحفياءُ، وثنيَّةُ الوداع. فمَواضِعُ معرُوفهٌ بالمدينةِ.

فأمّا ثنيَّةُ الوَداع: فزعَمُوا أنَّهُ إنَّما سُمِّيت بذلكَ، لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ودَّعَ بها بعضَ المُقيمينَ بالمدينةِ في بعضِ مخارِجِهِ وأسفارِهِ، وانصرَفُوا عنهُ منها.

وقيل: إنَّما سُمِّيت بذلك، لأنَّ رسُولَ الله شيَّعَ إليها بعضَ سَراياهُ، وودَّعهُ عندَها.

وقيل: إنَّما سُمِّيت بذلك، لأنَّ المُسافِرَ من المدينةِ كان يُشيَّعُ إليها، ويُتودَّعُ منهُ عندَها قديمًا.

وأظنُّهُ على طريقِ مكَّةَ، ومِنها بَدا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وظهرَ إلى المدينةِ، في حينِ إقْبالِهِ من مكَّةَ إلى المدينة (٢)، فقال شاعِرُهُم:

طلَعَ البَدْرُ علينا ... من ثنيّاتِ الوداعِ

وجَبَ الشُّكرُ عَلَينا ... ما دَعا لله داعٍ


(١) "هي" لم ترد في الأصل.
(٢) قوله: "إلى المدينة" لم يرد في ض، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>