للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقولُ المُؤمِنُ: كُنتُ أقُولُ: إنَّهُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وعبدُهُ. فيقولُ الملَكُ: اطَّلِعْ إلى مَقْعدِكَ الَّذي كان لكَ من النّارِ، قد أنْجاكَ اللهُ منهُ، وأبدلكَ مكانهُ مَقعَدَكَ الَّذي تَرَى من الجنَّةِ، فيَراهُما كِلَيهِما، فيقولُ المُؤمِنُ: دَعُوني أُبشِّرْ أهلي، فيُقالُ لهُ: اسْكُنْ، هذا مقعَدُكَ أبدًا. وذكَرَ تمامَ الحديثِ في المُنافِقِ.

وذكر عبدُ الرَّزّاق (١)، عن مَعْمرٍ، عن يونُسَ بن خبّابٍ، عن المِنهالِ بن عَمرو، عن زاذانَ، عن البَراءِ بن عازِبٍ، قال: خَرجنا معَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فجلسَ على القَبْرِ، وجَلَسنا حَوْلَهُ كأنَّ على رُؤوسِنا الطَّيرَ، فقال: "أعُوذُ بالله من عَذابِ القَبْرِ" ثلاث مرّاتٍ، ثُمَّ قال: "إنَّ المُؤمِن إذا كان في إقْبالٍ من الآخِرةِ، وانْقِطاع من الدُّنْيَا، نزلَتْ إليه الملائكةُ ... ". فذكر الحديثَ.

وفيه: "فإذا عُرِجَ برُوحِهِ، قالوا: أي ربِّ، عبدُكَ، فيُقالُ: أرجِعُوهُ، فإنِّي عهِدتُ إليهم أنْ (٢) منها خَلَقتُهُم، وفيها أُعيدُهُم، ومنها أُخرِجُهُم تارَةً أُخرى ... ". وذكَرَ الحديث، وساقَ في الكافِرِ مِثلَ ذلك أيضًا.

وأمّا قولُهُ: "أحدُكُم"، فإنَّ الخِطابَ توجَّهَ إلى أصحابِه، وإلى المُنافِقينَ، والله أعلمُ، فيُعرَضُ على المُؤمِنِ منهُم مَقعَدُهُ من الجنَّةِ، وعلى المُنافِقِ مقعَدُهُ من النّارِ، على نحوِ ما جاءَ في حديثِ البراءِ إن شاءَ الله.

وفي هذا الحديثِ: الإقرارُ بالموتِ والبَعْثِ بعدهُ، والإقرارُ بالجنَّةِ والنّارِ.

وقدِ استدلَّ به من ذهَبَ إلى أنَّ الأرواحَ على أفْنيةِ القُبُورِ، وهُو أصحُّ ما ذُهِبَ إليه في ذلك من طريقِ الآثارِ؛ لأنَّ الأحاديثَ الدّالَّةَ على ذلكَ ثابِتةٌ مُتَواتِرَةٌ، وكذلك أحاديثُ السَّلام على القُبُورِ، والله أعلمُ.


(١) في المصنَّف (٦٧٣٧).
(٢) في مصدر التخريج: "أني"، وهي هنا مخفّفةٌ من المشدّدة، سيّان.

<<  <  ج: ص:  >  >>