للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّأويل، فإنَّهُ مذهَبُ الخَوارِج، وإنَّما يُحبِطُ الأعمالَ الكُفرُ بالله (١)، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: ٥]. وقال عزَّ وجَلَّ: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (٢) [الزمر: ٦٥].

وفى هذا النَّصِّ دليلٌ واضِحٌ، أنَّ من لم يَكْفُرْ بالإيمانِ، لم يَحْبَطْ عَملُهُ.

وقدِ اختُلِفَ في تأويلِ قولِهِ: "فقد حَبِطَ عملُهُ" بما قد ذكَرْناهُ في كِتابِ "المُرتدِّ".

ورِوايةُ مَن روَى في هذا الحديثِ: "ترَكَ صلاةَ العَصْرِ" أوْلَى من رِوايةِ مَن رَوى: "فاتَتهُ"، وقد يكونُ المعنى: فاتَهُ تركُهُ لها، فحبِطَ عَملُهُ فيها، فلا يكونُ في ذلكَ تناقُضٌ. ولا يُسمَّى النّاسي لها، والنّائمُ عنها، والمحبُوسُ عن القِيام إليها، تارِكًا لها؛ لأنَّ الفاعِلَ: من فعَلَ التَّرك واختارَهُ بقَصْدٍ منهُ إليه وإرادة (٣) لهُ، وليسَ كذلكَ من وصَفْنا حالَهُ من النّاسي، والنّائم، والمغلُوبِ.

وقد ذكَرْنا أحكامَ تارِكِ الصَّلاةِ عامِدًا، وما للعُلماءِ في ذلكَ من المذاهِبِ، في بابِ زيدِ بن أسلمَ، والحمدُ لله.

ومن ترَكَ صلاةَ العَصْرِ أوغيرها جُحُودًا بها، فهُو كافِرٌ، قد حبِطَ عَملُهُ عندَ الجميع، وبالله التَّوفيقُ.


(١) بعد هذا في ظا، م: "وحده"، ولم ترد في الأصل، ض.
(٢) قوله: "وقال عزَّ وجَلَّ: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} " سقط من م.
(٣) في م: "واردة"، ولعله من غلط الطبع.

<<  <  ج: ص:  >  >>