للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنِ عُمرَ في هذا البابِ، والاثْنتَيْ عشْرةَ رَكْعةً المذكُورةَ في حَديثِ أُمِّ حَبِيبةَ (١)، فإنَّها عندَ جَماعةٍ منهُم سُنَّةٌ مسنُونةٌ، ويُسمُّونها صَلاةَ السُّنَّةِ، يرونَ صَلاتَها في المسجدِ، دُونَ سائرِ التَّطوُّع، وما عَداها من التَّطوُّع كلِّه (٢) فهُو في البَيْتِ أفَضلُ، ولا بأسَ به في المسجدِ. هذا كلُّهُ قولُ جُمهُورِ العُلماءِ.

وأمّا قولُهُ: وبعدَ الجُمُعةِ رَكْعتينِ. فإنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا في التَّطوُّع بعدَ الجُمُعةِ خاصَّةً (٣).

فقال مالكٌ: يَنْبغي للإمام إذا سلَّمَ من الجُمُعةِ، أن يدخُلَ مَنْزِلَهُ، ولا يركَعَ في المسجدِ، لما رُوي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّهُ كان ينصرِفُ بعدَ الجُمُعةِ ولم يَركَعْ في المسجدِ، وإنَّما كان يركعُ الرَّكعتينِ في بيتِهِ. قال مالكٌ: ومَن خَلْفَ الإمام أيضًا إذا سلَّمُوا، فأحَبُّ إليَّ أن ينصرِفُوا ولا يركعُوا في المسجدِ، فإن ركعُوا فإنَّ ذلك واسِعٌ (٤).

وقال الشّافِعيُّ: ما أكثرَ المُصلِّي من التَّطوُّع بعدَ الجُمُعةِ، فهُو أحبُّ إليَّ.

وقال أبو حَنِيفةَ: يُصلِّي بعد الجُمُعةِ أربعًا. وقال في موضِع آخر: سِتًّا.

وقال الثَّوريُّ: إن صلَّيتَ أربعًا، أو سِتًّا (٥) فحسُنٌ.

وقال الحسنُ بن حيٍّ: يُصلِّي أربعًا.

وقال أحمدُ بن حَنْبل: يُصلِّي سِتًّا بعدَ الجُمُعةِ أحَبُّ إليَّ (٦)، وإن شاءَ أربعًا.


(١) سيأتي بإسناده، ويخرج في موضعه.
(٢) في م: "كلها".
(٣) ينظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٤١ - ٣٤٢، فالآراء الآتية منقولة منه.
(٤) انظر: المدونة لسحنون ١/ ٢٣٧.
(٥) في الأصل: "وستا".
(٦) في الأصل: "إليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>