فانْطَلقتُ، فدخَلْتُ عليه فسلَّمتُ، فقال: أتُبايعُ وتدخُلُ فيما دخلَ فيه النّاسُ؟ قلتُ: نعم، قال: هكذا. ومدَّ يدَهُ فبَسَطها، قال: فبايَعتُهُ، ثُمَّ قال: ارجِعْ إلى أهلِكَ ومالك. قال: فلمّا رآني النّاسُ قد خَرَجتُ، جَعلُوا يدخُلُونَ فيُبايِعُونَ.
وقد مَضَى في بابِ ابنِ المُنْكدِرِ كثيرٌ من أحاديثِ البَيْعةِ والمُصافَحةِ بها، عندَ ذِكرِ بَيْعةِ النِّساءِ، والحمدُ للَّه.
حدَّثنا أحمدُ بن سَعيدٍ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي دُلَيم، قال: حدَّثنا ابنُ وضّاح، قال: حدَّثنا ابنُ أبي مريمَ، قال: حدَّثنا نُعَيمٌ، قال: حدَّثنا ابنُ المُباركِ، عنِ ابنِ عُيَينةَ، قال: أخبَرني الوليدُ بن كثيرٍ، عن وَهْبِ بن كَيْسانَ، قال: سمِعتُ جابرَ بن عبدِ اللَّه، يقولُ: لمّا قدِمَ مُسلِمُ بن عُقْبةَ المدينةَ، أتَتِ الأحياءُ يُبايِعُونهُ، فأتَى بنُو سَلِمةَ، ولم آتِ معهُم، فقال: لا أُبايِعُكُم حتّى يخرُجَ إليَّ جابرٌ. قال: فأتاني قومي، فناشَدُوني اللَّه، فقلتُ لهم: أنْظِرُوني، فأتَيتُ أُمَّ سلَمةَ، فاسْتَشرتُها في الخُرُوج إليه، فقالت: واللَّه إنِّي لأراها بَيْعةَ ضَلالةٍ، ولكِن قد أمَرتُ أخي عبدَ اللَّه بن أبي أُميّةَ أن يأتيهُ فيُبايِعَهُ. كأنَّها أرادَتْ أن تحقِنَ دَمَهُ. قال جابرٌ: فأتَيتُهُ فبايَعتُهُ.
قال أبو عُمر: كذا قال: أخي عبدَ اللَّه بن أبي أُميّةَ. وصوابُهُ: ابنَ أخي عبدَ اللَّه بن عبدِ اللَّه بن أبي أُميّةَ. ولم يُدرِك أخُوها الحَرّةَ، تُوفِّي قبلَ ذلك بكثيرٍ.
وبه عنِ ابنِ المُباركِ، قال: حدَّثنا أبو عَوانةَ، قال: حدَّثنا سِماكُ بن حَرْبٍ، أنَّهُ سألهُ رَجُلٌ من الذينَ بايَعُوا المُختارَ الكذّاب، فقال: تخافُ علينا من بَيْعتِنا لهذا الرَّجُلِ؟ فقال: ما أُبالي أبايَعتُهُ، أو بايَعتُ هذا الحجَرَ، إنَّما البَيْعةُ في القَلْبِ، إن كُنتَ مُنكِرًا لما يقولُ، فليسَ عليكَ من بَيْعتِكَ بأسٌ".
ومثله ما زاد على تمهيد الحديث الرابع لعبدِ اللَّه بن دينارٍ، عنِ ابنِ عُمرَ: أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إنَّ بلالًا يُنادي بليلٍ، فكُلُوا واشربُوا حتّى يُنادي ابنُ أُمِّ مَكْتُوم" (١٠/ ٣٨١). فلم يذكر في الإبرازة الأولى إلا الفقرة الأولى، وهي قوله: "في هذا الحديثِ الأذانُ للصُّبح قبلَ الفَجْرِ، وقد مَضَى القولُ في ذلك، وما فيه من