للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي سَماع أشهبَ وابنِ نافع من مالكٍ في كِتابِ العُتْبي: قال مالكٌ: كان عيسى ابنُ مريم يقولُ: يا ابنَ الثَّلاثينَ، مَضتِ الثَّلاثُونَ فماذا تَنْتظِرُ؟ قال: وماتَ وهُو ابنُ ثلاثٍ وثلاثينَ سنةً.

قال أبو عُمر: احتجَّ بهذا الحديثِ من ذهَبَ إلى أنَّ عيسى صلواتُ الله عليه وسلامُهُ ماتَ، وأنَّهُ تُوُفِّي موتًا، ولا حُجَّةَ في هذا الحديثِ لمن زعَمَ أَنَّهُ ماتَ؛ لأَنَّهُ يحتمِلُ أن يكونَ قولُهُ في هذا الحديثِ: "عاشَ عِشرينَ ومئةَ سنةٍ"، أي: عاشَ في قومِهِ قبلَ أن يُرفَعَ، وكذلك قولُهُ: "كان لهُ من العُمُرِ، نِصفُ الذي قبلَهُ"، وقولُهُ: "عاش نِصفَ عُمُرِ الذي قبلهُ"، أي: عاشَ في قومِهِ، وكان في قَومِهِ، أو في الأرضِ، ونحو هذا.

والدَّليلُ على صِحَّةِ هذا القولِ، ما ثبتَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في نُزُولِهِ، وقتلِهِ الدَّجّالَ، وحجِّهِ البيتَ، بأسانيدَ لا مطعَنَ فيها.

أخبرنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (١): حدَّثنا هُدْبةُ (٢) بن خالدٍ، قال: حدَّثنا همّامُ بن يحيى، أظُنُّهُ عن قتادةَ، عن عبدِ الرَّحمنِ بن آدمَ، عن أبي هُريرةَ، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليسَ بَيْني وبين عيسَى نبيٌّ، وإنَّهُ نازِلٌ، فإذا رأيتُمُوهُ فاعْرِفُوهُ، رجُلٌ مَرْبُوعٌ، إلى الحُمرةِ والبياضِ، كأنَّ رأسَهُ يَقْطُرُ وإنَّهُ لم يُصبْهُ بَلَلٌ، فيُقاتِلُ النَّاسَ على الإسلام فيَدُقُّ الصَّليبَ، ويقتُلُ الخِنْزيرَ، وَيضَعُ الجِزْيةَ، وتهلِكُ في زَمانِهِ المِللُ كلُّها إلّا الإسلامَ، ويَهلِكُ المسيحُ الدَّجّالُ، فيَمكُثُ في الأرضِ أربعينَ سَنةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى، فيُصلِّي عليه المُسلِمُونَ".


(١) في سننه (٤٣٢٤). وأخرجه ابن حبان ١٥/ ٢٣٣، ٢٣٤ (٦٨٢١) من طريق هدبة بن خالد، به.
وأخرجه أحمد في مسنده ١٥/ ١٥٣ (٩٢٧٠)، والحاكم في المستدرك ٢/ ٥٩٥، من طريق همام، به. وانظر: المسند الجامع ١٨/ ٤٣٤ - ٤٣٥ (١٥٢٥٢).
(٢) في الأصل، ض، م: "معاوية"، محرف، وهو هدبة بن خالد بن الأسود بن هدبة القيسي الثوباني، أبو خالد البصري. انظر: تهذيب الكمال ٣٠/ ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>