للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصَّحيحُ عِندي في ذلك قولُ من قال: {مُتَوَفِّيكَ}: قابِضُكَ من الأرضِ، لما صحَّ عن النَّبيِّ عليه السَّلامُ، من نُزُولِهِ، وإذا حُمِلت رِوايةُ عليِّ بن أبي طلحةَ عن ابنِ عبّاسٍ، على التَّقديم والتَّأخيرِ، أي: رافِعُكَ ومُميتُكَ، لم يكُن بخِلافٍ، لما ذكَرْنا.

وأمّا قولُهُ عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: ١٥٩] فقال أبو هُريرةَ وابنُ عبّاسٍ: قبلَ موتِ عيسى عليه السَّلامُ. وهُو قولُ الحسنِ وعِكرِمةَ، وأبي مالكٍ، ومُجاهِد (١). هذه رِوايةُ سعيدِ بن جُبيرٍ، عن ابنِ عبّاس (٢).

وروى مُجاهِدٌ، عن ابنِ عبّاسٍ: {قَبْلَ مَوْتِهِ}: قبل موتِ صاحِبِ الكِتابِ، فقيل لابنِ عبّاسٍ: وإن ضُرِبت عُنُقُهُ؟ فقال: وإن ضُرِبت عُنُقُهُ (٣).

وقد رُوي عن مُجاهِدٍ وعِكرِمةَ مِثلُ ذلك أيضًا (٤).

وروى مَعْمرٌ، عن ثابِتٍ البُنانيِّ، عن أبي رافِع، قال: رُفِعَ عيسى عليه السَّلامُ وعليه مِدْرعةٌ (٥) وخُفّا راع، وحذّافةٍ يحذِفُ بها الطَّير (٦).

وهذا لا أدري ما هُو، ويحتمِلُ أنَّهُ كانت تلكَ هيئَتَهُ ولِباسَهُ، إلى أن رُفِع، ورُفِع كيفَ شاءَ اللهُ بعدُ، وفائدةُ هذا الخبرِ، رفعُهُ حيًّا لا غيرُ، واللّه أعلمُ.


(١) انظر: تفسير الطبري ٩/ ٣٨٠ (١٠٧٩٦، ١٠٧٩٧).
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره ٩/ ٣٨٠ (١٠٧٩٤، ١٠٧٩٥)، والضياء في المختارة (٢٥٠) من حديث ابن عباس.
(٣) أخرجه الطبري في تفسيره ٩/ ٣٨٢ - ٣٨٣ (١٠٨١٢).
(٤) انظر: تفسير الطبري ٩/ ٣٨٢ (١٠٨١١).
(٥) المِدْرَعةُ: ضرب من الثياب لا يكون إلا من الصوف. انظر: العين للخليل ٢/ ٣٥.
(٦) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ١٢٢، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٧/ ٤٢١، من طريق معمر، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>