للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الحديثِ أيضًا ما يدُلُّ على أنَّ العبدَ المُتَّقيَ للّه المُؤَدِّيَ لحقِّ الله وحقِّ سيِّدِهِ، أفضلُ من الحُرِّ.

ويَعضُدُ هذا، ما رُوي عن المسيح (١) - صلى الله عليه وسلم - مِمّا قد ذكَرْناهُ في هذا الكِتابِ، قولَهُ: مُرُّ الدُّنيا حُلوُ الآخِرةِ، وحُلوُ الدُّنيا مُرُّ الآخِرةِ.

وللعُبُوديَّةِ مَضاضةٌ ومَرارةٌ لا تضيعُ عندَ الله، واللّه أعلمُ.

أخبرنا عبدُ الرَّحمنِ بن يحيى، قال: حدَّثنا عليُّ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن داود، قال: حدَّثنا سحنُونُ، قال: حدَّثنا ابنُ وَهْب، قال: أخبرني يونُسُ بن يزيدَ، عن ابن شِهاب، قال: سمِعتُ سَعيدَ بنَ المُسيِّبِ يقولُ: قال أبو هُريرةَ: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "للعبدِ المُصْلِح أجْرانِ". والذي نفسُ أبي هُريرةَ بيدِهِ، لولا الجِهادُ في سبيلِ الله، والحجُّ، وبِرُّ أُمِّي، لأحبَبتُ أن أمُوتَ وأنا مملُوكٌ (٢).

قال: وأخبرني ابنُ أبي ذِئبٍ، عن سعيدٍ المقبُريِّ، عن أبيهِ، أنَّهُ سمِعَ أبا هُريرةَ يقولُ: لولا أمرانِ لأحَبَبتُ أن أكُونَ عبدًا، وذلك أنَّ المملُوكَ لا يَسْتطيعُ أن يصنَعَ في مالِهِ شيئًا، ولا يُجاهِدَ، وذلكَ أنِّي سمِعتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "ما خلَقَ اللهُ عبدًا يُؤَدِّي حقَّ الله عليه، وحقَّ سيِّدِهِ، إلّا وفّاهُ اللهُ أجْرَهُ مرَّتينِ" (٣).


(١) في الأصل: "النبي"، خطأ، وقد تقدم عن المسيح عليه السلام في الحديث الحادي والثلاثين لنافع عن ابن عمر.
(٢) أخرجه مسلم (١٦٦٥)، وأبو عوانة (٦٠٨٥) من طريق ابن وهب، به. وأخرجه أحمد في مسنده ١٤/ ١٠٧ (٨٣٧٢)، والبخاري في الأدب المفرد (٢٠٨) من طريق يونس، به. وانظر: المسند الجامع ١٧/ ٢٤٧ (١٣٥٨٠).
(٣) أخرجه أحمد في مسنده ١٥/ ٤٩٠، ٥٢٣ (٩٧٨٩، ٩٨٤٠)، وأبو عوانة (٦٠٩٠)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٣٢٦، من طريق ابن أبي ذئب، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>