للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا الحُلَّةُ عندَهُم، فثَوْبانِ اثْنانِ، لا يَقَعُ اسمُ الحُلَّةِ على واحد.

وأمّا الحُلَّةُ المذكُورةُ في هذا الحديثِ، فحريرٌ كلُّها، بنَقْل الثِّقاتِ لذلكَ.

ومن الدَّليلِ على ذلك أيضًا معَ ما في حديثِ أيُّوبَ وغيرِهِ: ما حدَّثناهُ عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا مُضرُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن خالدِ بن عبدِ الله الواسِطيُّ، قال: أخبرنا أبي، عن هشام بن حسّان، عن محمدِ بن سيرينَ، عن ابن عُمرَ، عن عُمرَ: أنَّهُ خرجَ من بَيْتِهِ يُريدُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فمرَّ بالسُّوقِ، فرأى عُطارِدًا (١) يُقيمُ حُلَّةً من حريرٍ، وكان رجُلًا يَغْشَى المُلُوكَ، فأتَى النَّبيَّ عليه السَّلامُ، فقال: هذا عُطارِدٌ يُقيمُ حُلَّةً من الحريرِ، فلوِ اشْتَريتَها فلبِستَها إذا أتاكَ وُفُودُ النّاسِ. فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما يَلْبسُ الحريرَ من لا خَلاقَ لهُ في الآخِرةِ" (٢).

قال أبو عُمر: أجمعَ العُلماءُ على أنَّ لِباسَ الحريرِ للنِّساءِ حَلالٌ، وأجمعُوا أنَّ النَّهيَ عن لِباسِ الحريرِ، إنَّما خُوطِبَ به الرِّجالُ دُونَ النِّساءِ، وأَنَّهُ حُظِرَ على الرِّجالِ وأُبيح للنِّساء (٣)، وكذلكَ التَّحلِّي بالذَّهبِ لا يختلِفُونَ في ذلكَ، وَرَدَت بمِثلِ ما أجمعُوا عليه من ذلكَ آثارٌ صِحاحٌ، من آثارِ العُدُولِ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

قرأتُ على عبدِ الوارثِ بن سُفيانَ، أنَّ قاسمَ بن أصبَغَ حدَّثهُم، قال: حدَّثنا أبو قِلابةَ، قال: حدَّثنا بِشْرُ بن بن عُمرَ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن عبدِ الملكِ بن مَيْسَرةَ (٤)، عن زيدِ بن وَهْب، عن عليٍّ، قال: أُهْدِيَ لرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةٌ سِيَراءُ،


(١) في م: "عطارد". وقوله: يقيم: أي: يعرضها للبيع. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي ١٤/ ٣٩.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٩/ ٣٨١ (٥٥٤٥) من طريق هشام، به. وانظر: المسند الجامع ١٠٥٨١ (٧٩١٩).
(٣) في م: "للناس".
(٤) في الأصل: "عن الحكم" بدل: "عبد الملك بن ميسرة"، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>