للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفةَ: لا بأسَ بلُبسِ ما كان سَداهُ حريرًا، ولُحمتُهُ غيرَ ذلك.

قال: وأكرهُ ما كان لُحمتُهُ حَرِيرًا، وسَداهُ غيرَ حرير.

وقال محمدُ بن الحسنِ: لا بأسَ بلُبسِ الحريرِ، ما لم تَكُن فيه شُهْرةٌ، فإن كانت فيه شُهْرةٌ، فلا خيرَ فيه.

وقال أبو جعفرٍ الطَّحاويُّ (١): قد أجمعُوا على نَهْيِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عن لُبسِ الحريرِ، وفي حديثِ ابن عبّاسٍ: إنَّما نَهَى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الثَّوبِ المُصمَتِ (٢). فأمّا السَّدى والعَلَمُ فلا. يعني الحرير. وهذا يُبيِّنُ المُرادَ في النَّهيِ عن ذلك.

وقال بُسرُ بن سعيدٍ: رأيتُ على سَعْدِ بن أبي وقّاصٍ جُبَّةً شاميَّةً قيامُها خَزٌّ، ورأيتُ على زَيْدِ بن ثابِتٍ خمائصَ (٣) مُعلَّمةً (٤).

واختلفَ العُلماءُ في لِباسِ الحريرِ للرِّجالِ في الحَرْبِ، أو من جَرَبٍ وحَكَّةٍ تكونُ بهم، فرخَّصَ فيه قومٌ، وكَرِههُ آخرُونَ، ومِمَّن كرِههُ: مالكُ بن أنس (٥)، وابنُ القاسم، وجماعةٌ من أهلِ العِلم على كلِّ حالٍ، ورخَّصت فيه جماعةٌ منهُم، وإليه ذهَبَ ابنُ حبيب.

ومِن حُجَّتِهِم: ما حدَّثناهُ سعيدُ بن نَصْرٍ وعبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن وضّاح، قال: حدَّثنا أبو بكر بن


(١) مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٧٥، وشرح معاني الآثار ٤/ ٢٥٥.
(٢) سلف بإسناده قريبًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(٣) الخمائص: جمع خميصة، وهي ثوب خز أو صوف مُعلَّم. وقيل: لا تسمى خميصة إلا أن تكون سوداء مُعلَّمة. وكانت من لباس الناس قديمًا، وقيل: الخمائص: ثياب من خز ثخان سود وحُمر، ولها أعلام ثخان أيضًا. انظر: لسان العرب ٧/ ٣١.
(٤) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٢٥٦، والبيهقي في الكبرى ٣/ ٢٧١، من طريق بسر بن سعيد، به.
(٥) وانظر: الاستذكار ٨/ ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>