للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُكفِّرُ من قال بتحليلِ شيءٍ من ذلكَ؛ لأنَّ الدَّليلَ في ذلكَ يُوجِبُ العملَ، ولا يقطَعُ العُذْرَ، والأمرُ في هذا واضِحٌ لمن فهِم.

وقد ذكَرَ أبو داودَ (١)، وغيرُهُ من حديثِ عِكْرِمةَ، عن ابن عبّاسٍ، قال: فرضَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زَكاةَ الفِطْرِ طُهْرةً للصّائم من اللَّغوِ والرَّفَثِ، وطُعمةً للمَساكينِ، من أدّاها قبلَ الصَّلاةِ فهي زكاةٌ مقبُولةٌ، ومن أدّاها بعدَ الصَّلاةِ فهي صَدَقةٌ من الصَّدَقاتِ.

قال أبو عُمر: أمّا قولُ ابن عبّاسٍ (٢) في هذا الحديثِ: فمن أدّاها قبلَ الصَّلاةِ، فقد رُوِي مِثلُهُ عن ابن عُمرَ أيضًا، رواهُ موسى بنُ عُقْبةَ، عن نافع، عن ابن عُمرَ، قال: أمَرَنا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بزَكاةِ الفِطْرِ أن تُؤَدَّى قبلَ أن يخرُجَ النّاسُ إلى الصَّلاةِ. قال: وكان عبدُ الله بن عُمرَ يُؤَدِّيها قبلَ ذلك باليوم واليومين (٣).

واختلَفَ الفُقهاءُ في الوقتِ الذي بإدراكِهِ، تجِبُ زَكاةُ الفِطْرِ على مُدْرِكِهِ (٤)، فذكَرَ أبو التَّمّام (٥) قال: تَجِبُ زَكاةُ الفِطرِ عندَ مالكٍ بإدراكِ أوَّلِ جُزءٍ من يوم الفِطْر. في إحدى الرِّوايتينِ عنهُ.


(١) في سننه (١٦٠٩). وأخرجه ابن ماجة (١٨٢٧)، والدارقطني في سننه ٣/ ٦١ (٢٥٦٧)، والبيهقي في السنن الصغرى ١/ ٤٦٩ (١١٧٩) من طريق عكرمة، به. وانظر: المسند الجامع ٨/ ٥٤٤ (٦١٨٧).
(٢) قوله: "أما قول ابن عباس" سقط من الأصل.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٥٨٤٥)، وأحمد في مسنده ١٠/ ٤٤٨، ٤٧٠ (٦٣٨٩، ٦٤٢٩)، والبخاري (١٥٠٩)، ومسلم (٩٨٦) (٢٢)، وأبو داود (١٦١٠)، والترمذي (٦٧٧)، والنسائي في المجتبى ٥/ ٥٤، وفي الكبرى ٣/ ٤٤ (٢٣١٢)، وابن خزيمة (٢٤٢٢، ٢٤٢٣)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ١٧٤، من طريق موسى بن عقبة، به. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٢٤٩ - ٢٥٠ (٧٤٨٩).
(٤) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٤٦٦ - ٤٦٧ (٤٥٤).
(٥) هو علي بن محمد بن أحمد البصري الفقيه المالكي، قال القاضي عياض في ترتيب المدارك ٧/ ٧٦: "كان جيد النظر حسن الكلام حاذقًا بالأصول وله كتاب مختصر في الخلاف سماه نكت الأدلة، وكتاب آخر في الخلاف كبير". قلنا: وهو من طبعة خويزمنداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>