للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليسَ في شيءٍ من هذه الأسانيدِ التي وَرَدت بذِكرِ المِجنِّ، أصحُّ إسنادًا من حديثِ (١) ابن عُمرَ عندَ أهلِ العِلم بالنَّقلِ.

وكان ابنُ شُبرُمةَ، وابنُ أبي ليلى يقولانِ: تُقطَعُ اليدُ في خَمْسةِ دراهِمَ فصاعِدًا. ذهَبا إلى حديثٍ يَرْويهِ الثَّوريُّ، عن عيسى بن أبي عزَّةَ، عن الشَّعبيِّ، عن عبدِ اللّه بن مسعُودٍ: أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قطَعَ في قيمَةِ خَمْسةِ دراهِمَ (٢). والشَّعبيُّ لم يسمَعْ منَ ابن مسعُودٍ.

وهذا الحديثُ عندَهُم ضعيفٌ.

وقدِ اختُلِفَ في حديثِ أنسٍ كما ذكَرْنا.

وإنَّما مال الشّافِعيُّ رحِمهُ اللّه في التَّقويم إلى حديثِ الرُّبع دينارٍ؛ لأنَّهُ حَدِيثٌ مَدَنيٌّ صحيحٌ، رواهُ جماعةُ الأئمَّةِ بالمدينةِ، وتَرَك حديثَ ابن عُمرَ، لِما رآهُ، واللّه أعلمُ، من اختِلافِ الصّحابةِ في المِجَنِّ الذي قطعَ فيه رسُول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: فابنُ عُمر يقولُ: ثلاثةُ دراهِمَ، وابنُ عبّاسٍ وعبدُ اللّه بن عَمرٍو يقولانِ: عَشَرةُ دراهِمَ (٣). وغيرُهُم يقولُ: ما وصَفْنا.

وحديثُ عائشةَ في الرُّبع دينارٍ حديث صحيح ثابِت، لم يُختَلَف فيه عن عائشةَ، إلّا أنَّ بعضَهُم وقفهُ، ورَفَعهُ من يجِبُ العملُ بقولِهِ، لحِفظِهِ وعَدالتِهِ.

حدَّثنا سعيدُ بن نصرٍ وعبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا جعفرُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا سُليمانُ بن داود، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بن


(١) في الأصل، م: "أصح من إسناد حديث" بدل: "أصحُّ إسنادًا من حديث".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٨٦٦٩)، والبيهقي في الكبرى ٨/ ٢٦١، من طريق الثوري، به.
(٣) سلف تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>