للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد عصَى اللَّهَ ورسولَه (١). على أنَّه يَحتملُ، واللَّهُ أعلم: مَن لم يرَ إتيانَ الدَّعوةِ فقد عصَى اللَّهَ ورسولَه. وهذا أحسنُ وجهٍ حُمِل عليه هذا الحديثُ إن شاء اللَّه.

وقد اختَلَف العلماءُ فيما تجبُ الإجابةُ إليه من الدَّعوات؛ فذهَب مالكٌ والثَّوريُّ إلى أنَّ إجابةَ الوليمةِ واجبٌ دونَ غيرِها، وخالَفهم في ذلك غيرُهم، وسنذكُرُ اختلافَهم في ذلك في بابِ ابنِ شهاب (٢)، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عندَ قولِه: "شرُّ الطَّعام طعامُ الوليمةِ؛ يُدعَى لها الأغنياءُ، ويُتركُ المساكينُ، ومن لم يأتِ الدَّعوةَ فقد عصَى اللَّهَ ورسولَه"، إن شاء اللَّه.

والصَّحيحُ عندَنا ما ذكَرنا، أنَّ إجابةَ الدَّعوةِ سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ مندوبٌ إليها؛ لقولِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو أُهدِيَ إليَّ كُراعٌ لقَبِلتُ، ولو دُعِيتُ إلى ذراع لأجَبتُ"؛ رواه شُعبة، عن قتادة، عن أنس، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣).


(١) أخرجه أحمد في المسند ١٢/ ٢٢٣ (٧٢٧٩)، والبخاري (٥١٧٧)، ومسلم (١٤٣٢)، وأبو داود (٣٧٤٢)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٢٠٩ (٦٥٧٨) من حديث عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عنه رضي اللَّه عنه.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح ٩/ ٢٤٤: "وأول هذا الحديث موقوفٌ، ولكن آخره يقتضي رفعَهُ؛ ذكر ذلك ابن بطّال".
(٢) في أثناء شرح الحديث الأول له، وهو في الموطّأ ٢/ ٥٥ (١٥٧٣)، وسيأتي في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.
(٣) المحفوظ في هذا الحديث من طريق شعبة بن الحجّاج، أنه رواه عن سليمان بن مهران الأعمش، عن أبي حازم سلمان الأشجعي، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، أخرجه أحمد في المسند ١٦/ ١٥٩ (١٠٢١٢)، والبخاري (٢٥٦٨) و (٣٥٦٣)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٢٠٨ (٦٥٧٤).
أما من حديث أنس فقد رواه شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أنس، أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ١/ ٣٧١، والطبراني في الكبير ١/ ٢٦٠ (٧٥٧). ولم نقف عليه من الوجه المذكور من طريق شعبة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>