للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفُوا في اسْتِظلالِهِ على دابَّتِهِ، أو على المَحْمِل، فرُوي عن ابن عُمرَ، أنَّهُ قال: أَضْحِ (١) لمن أحرمتَ لهُ (٢). وبعضُهُم يرفعُهُ عنهُ.

وكرِهَ مالكٌ وأصحابُهُ أن يَسْتظِلَّ المُحرِمُ على مَحْمِلِه. وبه قال عبدُ الرَّحمن بن مهديٍّ، وأحمدُ بن حَنْبل (٣).

ورُوي عن عُثمان بن عفّانَ: أنَّهُ كان يستظِلُّ وهُو مُحرِمٌ، وأنَّهُ أجازَ ذلك للمُحرِم. وبه قال عطاءُ بن أبي رباح، والأسودُ بن يزيد (٤).

وهُو قولُ ربيعةَ والثَّوريِّ، وابن عُيينةَ، والشّافِعيِّ وأصحابِه.

وقال مالكٌ: إن استظلَّ المُحرِمُ في مَحْمِلِهِ، افتدى. وقال الشّافِعيُّ، وأبو حنيفةَ: لا شيءَ عليه؛ قالا: ولا بأسَ أن يستظِلَّ إذا جافى ذلك عن رأسِه (٥).

وأجمعُوا أنَّ المُحرِمَ إذا وجدَ إزارًا، لم يَجُز لهُ لُبْسُ السَّراويلِ.

واختلفُوا فيه إذا لم يجِد إزارًا، هل لهُ لُبْسُ السَّراويلِ؟ وإن لَبِسها على ذلك، هل عليه فِديةٌ أم لا؟

وفي "المُوطَّأ" (٦): سُئل مالكٌ عمّا ذُكِرَ عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أنَّهُ قال: "من لم


(١) أي: ظهَر واعتزل الكِنَّ والظل، يقال: ضحيت للشمس، إذا برزت لها وظهرت. قال الجوهرى: يرويه المحدِّثون: أضح بفتح الألف وكسر الحاء، وإنما هو بالعكس. انظر: النهاية لابن الأثير ٣/ ٧٧. قال بشار: على أنه جاء في الأصل، د ٤ مضبوطًا بفتح الحاء المهملة، على طريقة اللغويين، والصواب ما قال الجوهري.
(٢) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (١٤٤٦٠)، وسنن البيهقي الكبرى ٥/ ٧٠.
(٣) انظر: الأم للشافعي ٢/ ٢٢٣، ٢٤١، ومسائل أحمد وإسحاق ٥/ ٢٤٢٣ (١٧٢٦)، ومختصر اختلاف العلماء ٨/ ١١٠. وانظر فيها ما بعده.
(٤) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (١٤٤٦٤) و (١٤٤٦٥).
(٥) انظر: الحجة على أهل المدينة لمحمد بن الحسن ٢/ ٢٧٠، ومختصر اختلاف العلماء ٢/ ١١٠ (٥٨٣).
(٦) الموطأ ١/ ٤٣٧ (٩٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>