للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن طاوُوسٍ، عن ابن عبّاسٍ: أنَّ النَّبيَّ -صلي الله عليه وسلم- وقَّتَ لأهلِ المدينةِ: ذا الحُلَيفةِ، ولأهلِ الشّام الجُحْفَةَ (١)، ولأهلِ اليَمَن يَلَمْلَمَ، ولأهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا ولمن أتَي عليهنَّ من غيرِ أهلِهِنَّ، مِمَّن كان يُريدُ الحجَّ والعُمرةَ، ومن كان دُونهُنَّ فمِنْ أهلِهِ، حتّى إنَّ (٢) أهلَ مكَّةَ يُهِلُّونَ منها".

قال أبو عُمر: أجمَعَ أهلُ العِلم بالحِجازِ، والعِراقِ، والشّام، وسائرِ أمْصارِ المُسلِمينَ فيما عَلِمتُ، على القولِ بهذه الأحاديثِ واستِعمالهِا، لا يُخالِفُونَ شيئًا منها.

واختلفُوا في ميقاتِ أهلِ العِراقِ، وفيمن وقَّتهُ.

فقال مالكٌ، والشّافِعيُّ، والثَّوريُّ، وأبو حنيفةَ، وأصحابُهُم: ميقاتُ أهلِ العِراقِ، وناحيةِ المشرِقِ كلِّها: ذاتُ عِرْق (٣).

وقال الثَّوريُّ والشّافِعيُّ: إن أهلُّوا من العَقيقِ، فهُو أحبُّ إلينا.

وقال منهُم قائلُونَ: عُمرُ بن الخطّابِ رضي الله عنهُ هُو الذي وقَّتَ لأهلِ العِراقِ ذاتَ عِرْقٍ؛ لأنَّ العِراقَ في زَمانِهِ افْتُتِحت، ولم يَكُن في العِراقِ على عَهدِ رسُولِ الله -صلي الله عليه وسلم- إسلامٌ (٤).

وقال آخرُونَ: هذه غَفْلةٌ من قائلي هذا القولِ، بل رسُولُ الله -صلي الله عليه وسلم- هُو الذي وقَّتَ لأهلِ العِراقِ ذاتَ عِرْقٍ والعَقِيقَ، كما وقَّت لأهلِ الشّام الجُحْفةَ، والشّامُ كلُّها يومئذٍ دارُ كُفرٍ، كما كانتِ العِراقُ يَومئذٍ دارَ كُفرٍ، فوقَّتَ المَواقيتَ لأهلِ


(١) قوله: "ولأهل الشام الجحفة" لم يرد في د ٤.
(٢) حرف التوكيد والنصب لم يرد في د ٤.
(٣) انظر: الأم ٢/ ١٥٠، والمدونة ١/ ٤٠٥، والإشراف ٣/ ١٧٨، ومختصر اختلاف العلماء ٢/ ٧٢. وانظر فيها ما بعده.
(٤) هذه الكلمة سقطت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>