للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندَ الجميع من مِيقاتِهِ، والعَقِيقُ أحوطُ وأولَى عندَهُم من ذاتِ عِرْقٍ، وذاتُ عِرْقٍ ميقاتهم أيضًا بإجماع.

وكرِهَ مالكٌ رحِمهُ الله أن يُحرِمَ أحدٌ قبلَ الميقاتِ. ورُوي عن عُمرَ بن الخطّاب: أنَّهُ أنكَرَ على عِمرانَ بن حُصَينٍ إحرامَهُ من البَصْرة (١).

وعن عُثمانَ بن عفّانَ: أنَّهُ أنكَرَ على عبدِ الله بن عامرٍ إحرامَهُ قبلَ الميقات (٢).

وكرِه الحسنُ البَصْريُّ وعَطاءُ بن أبي رَباح الإحرامَ من المَوْضِع البَعيدِ.

وهذا من هؤُلاءِ، واللهُ أعلمُ، كَراهيةَ أن يُضيِّقَ المرءُ على نَفسِهِ ما قد وسَّعَ اللهُ عليه، وأن يتعرَّضَ لِما لا يُؤمَنُ أن يحدُثَ في إحرامِهِ.

وكلُّهُم ألزمَهُ الإحرام إذا فَعلَ؛ لأنَّهُ زادَ ولم يُنقِصْ.

ويدُلُّك على ما ذكَرْنا: أنَّ ابنَ عُمر رَوَى المواقيتَ عن رسُولِ الله -صلي الله عليه وسلم-، ثُمَّ أجازَ الإحرامَ قبلَها من مَوْضِع بعيدٍ.

هذا كلُّهُ قولُ إسماعيل، قال: وليسَ الإحرامُ مِثلَ عَرَفاتٍ والمُزدلِفةِ التي لا يُجازُ بهما مَوْضِعُهُما.

قال: والذين أحرمُوا قبلَ الميقاتِ من الصَّحابةِ والتّابِعين كثيرٌ.

قال: وحدَّثنا حفصُ بن عُمر الحَوْضيُّ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن عَمرِو بن مُرَّةَ، عن عبدِ الله بن سَلَمةَ: أنَّ رجُلًا أتى عليًّا، فقال: أرأيتَ قولَ الله عزَّ وجلَّ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] قال له عليٌّ: أن تُحرِمَ من دُوَيرةِ أهلِكَ (٣).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٢٨٤٢)، والطبراني في الكبير ١٨/ ١٠٧ (٢٠٤)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٣١.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٢٨٣٨)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٣١.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٢٨٣٤)، والطبري في تفسيره ٣/ ٨ (٣١٩٣)، والبغوي في الجعديات (٦٤)، وابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٣٣ (١٧٥٥) من طريق شعبة، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>