للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهُو قد جاوَزَ الميقاتَ: أنَّهُ يُحرِمُ من المَوْضِع الذي بَدا لهُ منهُ الحجُّ، ولا يرجِعُ إلى الميقاتِ، ولا شيءَ عليه.

وقال أحمدُ وإسحاقُ: يرجِعُ إلى الميقاتِ ويُحرِمُ منهُ.

وأمّا حديثُ مالكٍ، عن نافع، أنَّ عبدَ الله بن عُمرَ أهلَّ من الفُرْع (١)، فحَمْلُه (٢) عندَ أهلِ العِلم، على أنَّهُ مرَّ بميقاتِهِ لا يُريدُ إحرامًا، ثُمَّ بَدا لهُ فأهلَّ منهُ، أو جاءَ إلى الفُرْع من مكَّةَ أو غيرِها، ثُمَّ بَدا لهُ في الإحرام. هكذا ذكرَ الشّافِعيُّ، وغيرُهُ في معنى حديثِ ابن عُمر هذا.

ومعلُومٌ أنَّ ابنَ عُمرَ رَوَى حديثَ (٣) المواقيتِ، ومحُالٌ أن يتعدَّى ذلكَ، مع عِلمِهِ به، فيُوجِبَ على نفسِهِ دمًا، هذا لا يظُنُّهُ عالِمٌ، واللهُ أعلمُ.

وأجمعُوا كلُّهُم على أنَّ من كان أهلُهُ دُونَ المواقيتِ: أنَّ ميقاتَهُ من أهْلِهِ، حتّى يبلُغَ مكَّةَ، على ما في حديثِ ابن عبّاس (٤).

وفي هذه المسألةِ أيضًا قولانِ شاذّانِ، أحدُهُما لأبي حنيفةَ، قال: يُحرِمُ من مَوْضِعِهِ، فإن لم يفعلْ، فلا يدخُلُ الحرمَ إلّا حرامًا، فإن دخَلَهُ غيرَ حَرام، فليخرُجْ من الحَرَم، وليُهِلَّ من حيثُ شاءَ من الحِلِّ.

والقولُ الآخرُ لمُجاهِدٍ، قال: إذا كان الرَّجُلُ منزِلُهُ بين مكَّةَ والميقاتِ، أهلَّ من مكَّةَ (٥) (٦).


(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٤٥ (٩٢٩).
(٢) في م: "محتملة".
(٣) قوله: "حديث" لم يرد في د ٤.
(٤) سلف بإسناده قريبًا.
(٥) انظر: الأصل لمحمد بن الحسن ٢/ ٥١٩، والإشراف ٣/ ١٨١، ٢٩٩، ومختصر اختلاف العماء ٢/ ٦٨، ١٠٢.
(٦) جاء في حاشية الأصل: "يلغت المقابلة بحمد الله وحسن عونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>