للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحنُ نذكُرُ (١) هاهُنا من أحكام الإحصارِ بالعدُوِّ وبالمرضِ، وغيرِهِ من الموانِع، ما فيه شِفاءٌ وكِفايةٌ بحولِ الله، فهُو أولَى المواضِع بذِكرِ ذلك من كِتابِنا هذا إن شاءَ الله، ثُمَّ ننصرِفُ إلى باقي معاني الحديثِ، وتوجيهِها، والقولِ فيها، ولا ننالُ شيئًا من ذلك إلّا بعونِهِ، لا شريكَ لهُ.

فمِنْ ذلك، أنَّ مالكًا والثَّوريَّ وأبا حنيفةَ وأصحابَهُم قالوا: لا ينفعُ المُحرِمَ الاشتِراطُ في الحجِّ إذا خافَ الحصرَ، لمرضٍ أو عدُوٍّ.

قال أبو عُمر: والاشتِراطُ: أن يقولَ إذا أهلَّ في الحالِ (٢) التي وَصْفنا: لبَّيكَ اللَّهُمَّ لبَّيكَ، ومحِلِّي حيثُ حَبَستني من الأرضِ.

قال مالكٌ: والاشْتِراطُ في الحجِّ باطِلٌ، ويمضي على إحرامِهِ حتّى يُتِمَّهُ على سائرِ أحكام المُحصرِ، ولا ينفعُهُ قولُهُ: محِلِّي حيثُ حَبَستني. وبه قال أبو حنيفةَ، والثَّوريُّ، وهُو قولُ إبراهيم النَّخَعيِّ، ومحمدِ بن شِهابِ الزُّهريِّ، وهُو قولُ ابن عُمرَ أيضًا (٣).

ذكر ابنُ وَهْب، عن يونُسَ. وذكرَ عبدُ الرَّزّاقِ، عن مَعْمرٍ، جميعًا عن ابن شِهاب، عن سالم، عن ابن عُمرَ: أنَّهُ كان يُنكِرُ الاشتِراطَ في الحجِّ، ويقولُ: أليسَ حَسْبُكُم سُنَّةَ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ لم يشترِطْ؟ فإن حبَسَ أحدَكُم حابِسٌ عن الحجِّ، فليَأْتِ البيتَ فلْيطُفْ به، وبينَ الصفا والمَرْوةِ، ويحلِقْ أو يُقصِّرْ، ثُمَّ قد حلَّ من كلِّ شيءٍ، حتّى يحُجَّ قابِلًا ويُهْدي، أو يصُومَ إن لم يجِد هَدْيًا (٤).


(١) في د ٤: "ندخل".
(٢) في د ٤: "الحالة"، وحذف التاء أشيع.
(٣) انظر: الأم ٢/ ١٧٢، ومسائل أحمد وإسحاق ٥/ ٢٠٨٣ (١٣٧١)، والإشراف ٣/ ١٨٧، ومختصر اختلاف العلماء ٢/ ٩٦. وانظر فيها ما بعده.
(٤) أخرجه النسائي في المجتبى ٥/ ١٦٩، وفي الكبرى ٤/ ٦١ - ٦٢ (٣٧٣٥) من طريق ابن وهب، به. وأخرجه البخاري (١٨١٠)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٢٢٣، من طريق يونس، به. وأخرجه أحمد في =

<<  <  ج: ص:  >  >>